الملحق الثقافي – ديب علي حسن :
أن تنكب على قراءة رواية حتى تنسى أنك تعاني من صعوبة في القراءة، فهذا يعني أنها عوالم من الإبداع والدهشة والقدرة على الاستحواذ الذي يولد ألف سؤال وسؤال، ويحلق بك في فضاءات الجمال .
من الغوطة إلى فضاء الغرب من دمشق إلى حيث صناعة العطور.
سلمى جميل حداد في رحلة الإبداع بين الشعر والرواية، تنجز روايتها الجديدة التي بكل ثقة أقول إنها رواية زوربا العطر.. رواية الملحمة التي تحتفي بالإنسانية عطراً وتفاعلاً وقدرة على الغوص في أغوار البشرية.
رواية جوريا داماسكينا لا تختزل بقراءة عابرة وكما شهقة الجمال يجب أن تكون مكتملة يجب أن تقرأ الرواية، ولكن إليكم بعضاً من عطرها..
(هكذا يعود الماضي من غياباته الوهمية فارعاً بالألم والغموض، غريب الملامح ودوائره مغلقة رمادية، إنه المنديل المطوي الذي تركنا فيه أجفاننا الباكيات فأزهرت عليه تجاعيدنا، مائدة الطعام متعبة من فقر شهيتنا، السرير متعب من وحدة أنفاسنا، الأحلام متعبة من يباس محاصيلنا، النافذة متعبة من إطالة التحديق في فراغها، الكرسي متعب من تهالك أجسادنا، التلفزيون متعب من ساعات شرودنا، والهاتف متعب من الصمت، لا انتظار.. لا ترقب.. لا مواعيد. سيّان، كل الفصول سيّان.. تجيء وتغادر سيّان، ولا تجيء سيّان، لا أفهمك يا بريجيت، لا أفهم سذاجتك على الإطلاق لكنني أتعاطف مع كل كلمة لم تتلفظي بها، وكل شهقة سترت عليها في مقبرة صدرك، وكل زهرة لوز ماتت على ربيع ملاءتك البيضاء ولم تستخرجي لها شهادة وفاة رسمية.
كم أصبحت وحدي! شئت هذا أم أبيت، لقد نجح المتوسط في شطري إلى نصفين لا أدري إلى أيهما أرتاح أكثر، فهل أنا اليوم خلاصة جوريا الدمشقية الطفلة التي ذابت عجلات دراجتها الأربع فوق حواكير مزرعة الجوري ريثما استطاعت أن تعتلي دراجة بعجلتين، أم روزا داماسكينا الأنثى التي صقلت عطورها حدائقُ غراس الجميلة؟ أم أنني مزيج متحد منفصل من عطرين أربكهما المتوسط وأربكاه؟.
التاريخ 17 – 9 – 2024
العدد 1205