الثورة – رشا سلوم:
الكتابة فعل تغيير نحو الأفضل والإبداع أو البحث الذي لا يعمل على التغيير من أجل الأجمل والأفضل لا قيمة له.
ولا شيء أكثر أهمية من العلوم الإنسانية، ولاسيما الاجتماعية في قراءة حال المجتمع من أجل رصد وتحليل مشكلاته.
هذا ما يؤكد عليه رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني، خاصة في اجتماعات جمعية الدراسات والبحوث في الاتحاد.
الجمعية التي يجب ألا يقتصر دورها على عقد اجتماعات دورية فقط.. بل العمل على البحث والدراسة والتحليل ومن ثم اقتراح ما يجب علينا القيام به.
لوضع هذه الرؤى موضع التنفيذ كانت الخطوة المهمة المتمثلة بإصدار المجلة الأولى في سورية المتخصصة بالعلوم الاجتماعية.. وقد صدر منها العددان الأول والثاني منذ أيام.
رئيس التحرير الدكتور جابر سلمان في افتتاحية العدد كتب يقول عن هذه الخطوة والمجلة:
إن أكثر ما يؤرق المجتمعات البشرية القضايا العامة التي تلامس هموم الناس وتبحث في تفاصيل حياتهم اليومية.. فالإنسان بطبعه كائن اجتماعي مفطور على الانجذاب إلى محيطه ومعايشة مشكلاته والاستغراق في البحث عن حلول لها كي تكون مقدمة للانخراط فيه، والمشاركة في أحداث أثر إيجابي يبنى عليه للانطلاق إلى غد أكثر إشراقاً، وإلى مستقبل مواكب لكل جديد أو مستحدث في عالم موار يضج بالحيوية والنشاط المنفلت من القيود التي تحد من الإبداع وتقولبه بقوالب جامدة تجعله بعيداً عن ساحته وفضائه الذي يستمد منه روح حيويته ونشاطه الخلاق المنبعثة منه خرائط استراتيجيته العقلية ومعايير سيميائيته اللغوية ومناخه التنظيمي الممنهج، وما قد يترتب على ذلك من آثار اجتماعية لوسائل التواصل الاجتماعي وإجراءات وظيفية فاعلة ومؤثرة في محيطه.
ففي فضاءات الحياة الاجتماعية وعلومها المتشعبة يجد المرء متسعا لرسم عالمه وصوغ مفرداته وغور أسبارها وهندسة جملها وتراكيبها وفق رؤية فلسفية قابلة للتجدد والانبعاث..
فإحياء العلوم الاجتماعية، ولاسيما في مجتمعاتنا- بعث الحياة في مفاصلها بعد أن أصابها الوهن واعتراها الضعف والتراجع المعرفي، وأخذ منها أيما مأخذ بات يشكل الغاية التي تشغل علماء الاجتماع في عصرنا الراهن، والهدف الذي يتطلع إليه المهتمون بشؤون المجتمع وقضاياه المعاصرة، ولاسيما أن العلوم الاجتماعية تحمل بين جوانحها بعدا إنسانياً وأخلاقياً، وهي في بعديها الإنساني والأخلاقي تدعو لاحترام القيم الإنسانية والمثل الأخلاقية العليا للمجتمعات البشرية على امتداد التاريخ الإنساني.
وكما كانت العلوم الأخرى الخادم الأمين للاحتياجات المجتمع ومتطلباته، كذلك هي العلوم الاجتماعية التي ترى في احتياجات المجتمع ومتطلباته ضرورة حياتية تسهم في النهوض الحضاري، وتحقيق الازدهار والنمو الذي به وحده يكون الاستقرار ويسود الأمن والسلام في ربوع الأوطان ومجتمعاتها ذات القرار السيادي المستقل والبعيد عن أي شكل من أشكال التبعية البغيضة التي تجعل من المجتمعات الضعيفة ذيلاً لقوى الهيمنة والاستبداد ولقمة سائغة لأطماعها الاستعمارية وتوجهاتها ذات النزعة العدوانية الخبيثة.
في هذا العدد الذي صدر ورقياً مجموعة مهمة من الدراسات والبحوث من مختلف أرجاء الوطن العربي.. نذكر منها: أثر استراتيجية خرائط العمل، المناخ التنظيمي المدرسي، تأنيث الفقر في تونس. قراءة في فكر العلامة محمد كرد علي. حقوق الطفل في ظل الصراعات السياسية والاجتماعية..
وغير ذلك من الدراسات المهمة التي تعالج قضايا اجتماعية عربية.
نأمل أن تستمر هذه المجلة الجديدة وأن تكون إضافة مهمة إلى الثقافة والفكر، وأن تعالج القضايا المجتمعية المهمة والملحة.