كتب المحرر السياسي ناصر منذر:
51 عاماً مرت على ذكرى حرب تشرين التحريرية، ولا يزال النصر على الإرهاب الصهيوني يولد انتصارات متراكمة ضد العدو الإسرائيلي وأدواته الرخيصة، وهذا ما تجلى خلال الأعوام الماضية من الحرب الإرهابية التي تصدى لها أبطال الجيش العربي السوري، حيث كان الكيان الصهيوني حاضراً في كل تفاصيل تلك الحرب، ولم يزل يشن اعتداءاته الغادرة والمتكررة على الأراضي السورية، انتقاماً لهزائم أدواته من تنظيمات إرهابية، استقدمتها الولايات المتحدة وأتباعها في المنطقة، من كل أصقاع الأرض، ولم تزل سورية حتى اليوم تدفع ثمن نصرها المؤزر في حرب تشرين التحريرية.
حرب تشرين التحريرية التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد شكلت نبراساً ومحطة في طريق النضال لتحرير الأرض المسلوبة وإعادة الحقوق العربية المغتصبة فكانت إعلاناً واضحاً لبدء زمن الانتصارات والمقاومة، ونهاية لزمن الهزائم، لتكون الحرب العربية الأولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي من ألفها إلى يائها التي كسرت جدار اليأس بعد نكسة حزيران عام 1967 ورسخت حقيقة أن سورية العروبة لا تزال تدافع عن وجود الأمة العربية ومستقبلها، وهى لم ولن تبخل بتقديم التضحيات دفاعاً عن الحقوق العربية في وجه الكيان التوسعي المدعوم من حلفائه من دول الغرب.
لقد صنعت حرب تشرين بانتصاراتها ثورة حقيقية من الذات العربية على نفسها وعلى الواقع العربي، وكسرت جدار اليأس، وأحيت الأمل واستعادت الكرامة التي كادت أن تستباح، فشكلت نقطة ارتكاز للمسار العربي القومي من خلال فكرة مشروع التوازن الاستراتيجي مع العدو، ومثلت أيضاً نقطة تحول في الوعي والذاكرة ارتكز عليها الجيش العربي السوري في مواجهة الحرب الإرهابية التي تقودها الولايات المتحدة لخدمة الأجندة الصهيونية التوسعية في المنطقة، حيث المعركة التي تخوضها سورية ضد الإرهاب اليوم هي الأخطر، لأن داعمي هذا الإرهاب يستثمرون كل إمكانياتهم العسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية من أجل استهداف سورية بشعبها وكيانها ودورها الفاعل والمحوري لإخراجها من دائرة المواجهة مع العدو الصهيوني، لتسهيل تمرير مخططات تصفية القضية الفلسطينية، وهذا ما يهدف إليه العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، وعموم الضفة الغربية، بمباركة أميركية، إضافة للعدوان المتواصل ضد شعب لبنان الشقيق، حيث يستغل الصهاينة، ورعاتهم في الولايات المتحدة انشغال سورية بتداعيات ومفرزات الحرب الإرهابية، المتواصلة في أشكال وعناوين مختلفة، وفي مقدمتها الحصار الاقتصادي، والعقوبات الغربية الجائرة، وكل ذلك من أجل خدمة المخطط الصهيو-أميركي الهادف إلى السيطرة على المنطقة العربية بأرضها وإنسانها وثرواتها.
ثقتنا بجيشنا اليوم تزداد، ويقيننا بالنصر يتحقق، حيث سورية ماضية بكل حزم في حربها ضد فلول الإرهاب، وداعميه من الاحتلالين الأميركي والتركي، وهي أكثر عزماً وتصميماً على مواجهة كل أشكال الحصار، معلنة وقوفها إلى جانب أي جهد دولي صادق يصب في مكافحة الإرهاب ومحاربته على أن يتم ذلك في إطار الحفاظ على وحدة أراضيها، واحترام السيادة الوطنية وفقاً للمواثيق الدولية، والشعب السوري الذي صنع حرب تشرين وحقق الانتصار فيها بصموده والتفافه حول الجيش العربي السوري هو ذاته الشعب الأبي الذي يمضي خلف الجيش وقيادته الحكيمة لتحقيق الانتصار الناجز على الأعداء، وأدواتهم الإرهابية، وميليشياتهم الانفصالية.