“حقوق الطفل والبحث العلمي” تطلقان مشروع البحث العلمي المسلي للأطفال واليافعين.. المشاركون لـ”الثورة”: نشر ثقافة البحث العلمي أمر ضروري
الثورة – غصون سليمان:
من يراهن على الطفولة يراهن على المستقبل، ومن يمتلك مقومات المستقبل لا خوف على النجاح من حالات التعثر، فهو عماد التقدم حين تتوفر له البيئة المناسبة، وهو الضمان في مسيرة البحث والتدقيق بعقول نيرة أدركت خطواتها الصحيحة في سلم أولويات الحياة.
فإن تكون مع الأطفال وبينهم تراقبهم عن قرب وهم في غرفة التحضير ومن ثم الانتقال إلى القاعة المتخصصة بكل تطبيق وتجربة وفق البحث العلمي بحضور الخبراء وأهل الاختصاص من أكاديميين وتربويين وتقنيات وجيش من المتطوعين كل ذلك يعكس مدى الجدية في إنجاح المشروع المستقبلي، وهو خلق جيل من الباحثين الصغار الذين سوف يكبرون وتكبر أحلامهم معهم بما أحبو من اختراعات وإبداعات..
في مركز همسة للتدريب والإبداع كان اللقاء التفاعلي بين الفريق المشرف والمتابع والعلاقة الحميمية والتنسيق الرائع بين الجهات صاحبة العلاقة وأركان المجال تتحقق حين يتكامل العمل بروح رياضية وهدف وطني سام لبناء عدة المستقبل ضمن نشاط علمي بهدف نشر مفهوم البحث العلمي وتشجيع اليافعين على البحث العلمي.
التعليم أولاً..
رئيس مجلس أمناء مؤسسة حقوق الطفل هيثم سلطجي بين أن رؤية المؤسسة تقوم على خمسة برامج هي التعليم والحماية والصحة والأسرة والبيئة وتهدف جميع هذه البرامج إلى حماية الطفل من سوء المعاملة بجميع أشكالها، من عنف واعتداء وغيرها وتأمين حقوقه وتعريفه بواجباته تجاه المجتمع بغية المساهمة في توفير الدعم اللازم لتغطية احتياجات المراكز الاجتماعية، ودعم المشاريع التي تساهم في الحفاظ على الغطاء البيئي وإعادة تدويره، لافتاً إلى أن من أهم الحقوق والواجبات التي يجب على المجتمع تأمينها هو التعليم،الذي هو ركن أساسي من أركان المؤسسة والمجتمع، وحين يفتقر المجتمع للتعليم لاشك انه سيكون مجتمعا تائها وعرضة لكل المخاطر.
سلطجي أشار إلى أن الطفل لا يقبل بالمؤسسة إن لم يكن منها، فمن أهم شروط كفالة اليتيم أن يكون مسجلا في المدرسة، إذ من غير المنطقي أن يكون عمر الطفل من ٦-٧ سنوات غير مسجل في المدرسة، وإن وجدت أي صعوبة بنقص المعلومات أو فاقد تعليمي، تعمل مؤسسة حقوق الطفل على المساعدة فيتجاوزها وتخطيها مع الجهة المعنية.
ولعل الأهم برأي رئيس مجلس أمناء المؤسسة هو آلية التعاون مع الجمعية السورية للبحث والنشر العلمي لأن المهم ليس فقط بالتعليم، وإنما كيف يتعلم الطفل من خلال البحث عن المعلومة، من هنا تكمن أهمية ما تقدمه الجمعية من ضرورة وأهمية ما يحصل عليه الطفل وتعلمه حتى يعرف كيف تغير هذا الشكل وتلك التجربة وكيف وصلت المعلومة إلى ذهنه، مؤكداً أن الهدف في مراحل متقدمة من الفوز بباحثين صغار يكونون نواة تقدم المجتمع.
ويذكر سلطجي أن أهمية الدورة التي قامت بها جمعية البحث والنشر العلمي على مجموعة من الأطفال المتفوقين بمؤسسة حقوق الطفل التي خرجت مدربين ومدربات حول مشروع البحث العلمي المسلي، ويعد نشاط اليوم تجربة أولى ونشاط جديد لأطفال المؤسسة البالغ عددهم ١٢٠٠ طفل من عمر سنتين إلى ١٨ عاماً.
وحول سؤال من هم الداعمون للمؤسسة مادياً، قدر سلطجي عالياً الداعمين الوطنيين أبناء البلد الذين يعيشون بيننا ويقدرون عملنا ونلجأ إليهم في كل عمل نقوم به، كدعم المشاريع المدرة للدخل،وتأمين مساحات لتعزيز إبداعات الطفل،وبناء قدرات الكوادر التدريسية، منوها في هذا السياق إلى أهمية مشروع تمكين التعليم الذي نفذ في ثلاث مدارس عامة بالميدان كنتيجة مثمرة بمذكرة التفاهم الموقعة بين مؤسسة حقوق الطفل ووزارة التربية.
تعزيز التفكير النقدي..
رئيس مجلس ادارة الجمعية السورية للبحث والنشر العلمي الدكتور حيان السباعي أوضح أن الجمعية التي تأسيت عام ٢٠١٦ وأشهرت عام ٢٠١٩ من أهم أهدافها نشر ثقافة البحث العلمي من عمر مبكر وتعزيز مفهوم حب العلوم والبحث العلمي في نفوس الأطفال واليافعين ما يساهم في بناء جيل شغوف بالاستكشاف العلمي، والتفكير النقدي من خلال تبسيط مفاهيم العلوم وتحفيز التفكير البحثي بطريقة ممتعة وتفاعلية.
وأشار أن الأهم في هذا السياق هو مشروع البحث العلمي المسلي الموجه للأطفال بحيث لا يكون جدياً بمعنى الجدية وبنفس الوقت يحافظ على القواعد الأساسية للبحث العلمي.
وأضاف أن المشروع يعتمد مجموعة من التجارب الأساسية التي يتم فيها التركيز على الجانب العلمي والعملي، في الفيزياء والكيمياء والعلوم وانكسار الضوء وتفاعلات الأكسدة، سكراتش علوم الحاسب، واستخلاص DNA، وظيفة الأنزيم في تسريع التفاعل، واختبار ميكانيك السوائل من خلال رافعة هيدروليكية بعملية ميكانيكية ونمذجة رياضية وفق منهج تحليلي.
فهدف المشروع الأساس من وراء التجارب العلمية هو طريقة التفكير والمنهجية العلمية،حيث يستهدف المشروع شريحتين أساسيتين الأولى من الصف الثالث إلى الخامس، والثانية من الصف السادس إلى الصف الثامن، أي أطفال ويافعون من كل الفئات.
نتعامل مع المستقبل..
نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية للبحث والنشر العلمي بدمشق المهندس الاستشاري الدكتور مهند الكوسا أوضح في لقاء لـ”الثورة” أن التعامل مع الأعمار الصغيرة، هو تعامل مع المستقبل، ومع جيل باحث نعمل على إعداده وتهيئته للاستفادة منه في بناء مستقبل هذا الوطن من خلال وضع بصمته الإيجابية في أركانه جميعاً.
ووصف المهندس الكوسا الطفل يمتلك من المرونة الشيء الكثير كما” العجينة”ما يجعله يستطيع أن يتقبل المعلومات التي ربما لا يتقبلها الكبير، والسبب برأيه هو أن طريقة تفكيره لم تتأطر تجاه أي طرح، وبالتالي حين ندفعه للتفكير خارج الصندوق ونقدم له المعلومات العلمية الملموسة،نجده قادرا على تطبيقها في بيئته ومنزله وعلى طاولة مكتبه ضمن إجراءات الأمان بعيدا عن المخاطر التي يشار وينبه لها من خلال اعتماد منهجية البحث العلمي الذي يعطى لطالب الدراسات العليا ولكن بطريقة مبسطة يفهمها الطفل حيث يقع على عاتقه نهضة البلد العلمية والتطبيقية والصناعية، لطالما يدخل البحث العلمي في كل مفاصل الحياة كما شرايين الجسد.
يناسب قدراتهم العقلية
بدورها مدير فريق البحث العلمي التابع لمؤسسة حقوق الطفل المهندسة إيمان الرفاعي ذكرت أن تعليم منهجية البحث العلمي للصغار لاشك أنه يصقل مواهبهم بما يناسب قدراتهم العقلية، مؤكدة أهمية التعاون بين مؤسسة حقوق الطفل والجمعية السورية للبحث العلمي بإعداد فريق متطوع قادر على النهوض وتمكين الأطفال بما يناسبهم في كثير من الجوانب.
هذا النشاط هو الثاني- حسب ما ذكرت مدير الفريق- وكان الأول مكافأة للطلاب المتفوقين الذين حصلوا على درجات عالية في مراحلهم الدراسية المختلفة، فيما الشريحة المستهدفة في نشاط اليوم هم الأطفال من عمر ٩-١٣ سنة، والجميل أيضا حسب رأي مديرة الفريق هو تواجد الأمهات اللواتي يرغبن برؤية ما يقوم به أبناؤهن، فما يهم فريق العمل وحرصه الدؤوب أن يكون الأهالي على اطلاع بما يتعلمه الطفل ويطبقه ما يكسبه المزيد من المعارف والمهارات، ولعل الأهم في هذا السياق هو مراحل عمل البحث العلمي من الفكرة الأساسية على تطبيق التجربة وتقييم الاختبار، ومدى حجم الفائدة، وبناء على المعطيات يتم تطوير المراحل القادمة.
الاهتمام بالقراءة..
وحول أهمية استهداف الأطفال بأساليب البحث العلمي المطبق على الأطفال واليافعين بمشروع البحث العلمي المسلي، بين الدكتور رياض قبيسي- كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية جامعة دمشق في حديثه أن البحث العلمي هو أساس تطور أي مجتمع، فالبلدان المتقدمة تقنياً لها ميزات وحصة كبيرة في ميزانية الدولة، مؤكداً أن المشكلة لدينا ليس بالتمويل فقط وإنما باقتناع الناس بأهمية البحث العلمي، حيث نرى للأسف الكثير من الناس الكبار الذين تبلورت أفكارهم بمفاهيم معينة أصبح من الصعب إقناعهم بهذا الشيء أو تغييرهم.
لذلك كله- وحسب رأي الدكتور القبيسي- كان الهدف الذي تأسست عليه جمعية البحث العلمي أصلاً انطلاقاً من شريحة الأطفال الصغار بغية تعزيز قيم ومفاهيم كم هو البحث العلمي مهم حيث أضيف له تعبير “المسلي” لأنه ضروري ومفيد وليس فقط ترفيهي.
أما النصيحة التي يمكن تقديمها للأسرة والمدرسة والمعلمين هو الاهتمام بموضوع القراءة وتعلم اللغات أولاً وأخيراً، إذ يجب على الشخص أن يعود نفسه على القراءة والاهتمام باللغة حيث لدينا مشكلة في هذا الجانب نظرا لتطورات العصر السريعة، معربا عن ارتياحه وتشجيعه لمبادرة مشروع البحث العلمي المسلي كخطوة إيجابية في سلم الأولويات لعمل الجمعية ومؤسسة حقوق الطفل.
تصميم الخطة..
وعن دور فريق الباحثين التربويين في هذا النشاط أشارت الدكتورة كندة لقموش- العضو في الفريق المذكور، إلى أنه تم تصميم الخطة الخاصة بمشروع البحث العلمي المسلي، أي كيف يسير المدرب بخطواته بدءاً من طرح الأسئلة التمهيدية وآلية العمل، والتقويم النهائي، من خلال إجراء دورات تدريبية مناسبة قبل أن يباشر الفريق مع الطلاب الصغار، إضافة إلى التأكد من جميع التجارب العلمية وصلاحياتها بعد عرضها على مؤسسة حقوق الطفل من أجل التطبيق وأخذ العناصر الخاصة بحقوق الطفل، وتأهيل المدربين لكيفية التعامل مع الأطفال.
الدكتورة لقموش نوهت بأنه في المراحل القادمة سيقومون باختبارات قبل وبعد لمعرفة مدى تأثر الطفل بما يقدم له، وهل حفزه ذلك لطرح الأسئلة والاستفسار عن أشياء يرغب بمعرفتها، بمعنى هل ارتفع عنده معدل الذكاء وأصبح لديه مفاهيم جديدة استفاد منها فعلاً ما يعزز روح الابتكار والمثابرة والتفكير الناقد؟ أم أن التجربة ليس لها تأثير على حياتهم وهي مجرد متعة وتسلية..؟
لمسات الحنان..
التعامل مع الطفولة وبراءتها يحتاج إلى كاريزما معينة من فريق العمل المتطوع وأولى المعاني إشعارهم بالحب والحنان، وهذا ما بدا واضحاً على أسلوب التعاطي الهادئ والجاد بين المتطوعين والمتطوعات باختصاصاتهم المتنوعة مع الأبناء الصغار.
مروة مطر- متطوعة ضمن جمعية البحث العلمي، قالت: نحن لا نستغني عن الجانب الأكاديمي الذي هو معني دائماً بالبحوث العلمية، لكن يجب أن يكون لدينا معلومات مفيدة نجمعها ونقدمها بأسلوب تعليمي بسيط غير معقد عن طريق اللعب ربما والترفيه لإبعاد الملل عن ذهن الطفل وتثبيتها في مخيلته خاصة أثناء تطبيق الاختبارات والتجارب العلمية، فإذا ما أخذنا مادة الكيمياء فإننا نعلمهم كيفية التراكيب الكيميائية من صغرهم لكن ضمن سلسلة معلومات وخطوات علمية مدروسة تناسب تطور عقلهم ونموهم.
تلبية فضولهم..
فيما ذكرت زميلتها راما شاهين أن هدف التوجه إلى شريحة الأطفال هو لتلبية فضولهم والإجابة على استفساراتهم حول تغير الأشياء الموجودة التي تعنينا أو تلك التي يكتشفونها، فالتطوع حسب رأيها هو لرفع السوية العلمية عند أطفالنا وفق معادلة كما نحن استفدنا بجوانب معينة يجب أن يستفيد الآخرون منها، أيضاً بإيصالها إلى الشريحة المحتاجة، فقوام التطوع هو الاستفادة والمعلومات المتبادلة.
تجربة البركان..
وحول تجربة البركان ضمن قسم الكيمياء، والتي قمن على شرحها المتطوعتان بمؤسسة حقوق الطفل غفران سليمان وأماني نقشبندي، فبينت أهمية تعريف الأطفال بحالة حدوث البركان من خلال مواد خفيفة على الطفل دون تأثير وذلك باستخدام مادة الخل مع الكربولا، وحين مزجهما مع بعض يظهر لدينا فوران ناتج عن انطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون نتيجة تفاعل حمض الخل مع الكربولا، وذكرت أن الحالة يمكن إجراؤها بعدة تجارب لكن تم اختيار تجربة البركان كونها تحمس الطفل نظرا لشكله الأحمر.
سليمان ونقشبندي رأتا أن التطوع هو من أجمل الحالات الإنسانية حضوراً وممارسة، ما يضفي على النفس سعادة لا توصف من خلال التعامل مع الأطفال وتبادل الأدوار في تقديم المتعة والفائدة في آن معاً.
شد الانتباه..
أيضاً المتطوعة ليلى الميقري من فريق حقوق الطفل نوهت بأن التجارب العلمية تشد انتباه الأطفال وتثير فضولهم التغيرات الحاصلة كما حال تجربة الهيدروليك التي أجريت بأدوات بسيطة عبارة عن وريد حبل سيروم موصول بـ “سرنكين” في إحداهما وضع الماء بمقدار، ليرى الصغار كيف يعمل مكبس الرافعة بمجرد الضغط على أحدهما يرفع جسم الرافعة، فما يراه الطفل من تغيرات وهو يقوم بالتجربة بنفسه يترك لديه انطباعاً وأثراً ما يحفز على السؤال والبحث والاستنتاج.
يذكر أن إطلاق المشروع عبر النشاط التفاعلي تم تتويجه بتوقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة حقوق الطفل والجمعية السورية للبحث والنشر العلمي.