أزمة النقل في دمشق وريفها .. حلول غائبة ومعاناة تتفاقم على محطات الانتظار السائقون يشتكون والركاب يناشدون.. والجهات المعنية على منصة التبرير
الثورة _ تحقيق _ ثورة زينية:
مع نقص مخصصات المازوت للسرافيس في دمشق تتفاقم أزمة المواصلات بشكل مضطرد، ولاسيما في ظل عودة الطلاب إلى المدارس والجامعات، ولايخفى على أحد الضغط الذي تواجهه دمشق حالياً في هذا الإطار، يضاف إلى ذلك أن معظم السرافيس العاملة على خطوط المدينة والضواحي القريبة والريف المحيط متعاقدة مع مؤسسات ومدارس رسمية وخاصة، بمعنى أنها قد لا تتوافر في أغلب الأوقات، وخاصة في أوقات الذروة الصباحية وفترة ما بعد الظهر وعودة العمال والموظفين إلى بيوتهم.
مناشدات تتعالى
شكاوى المواطنين تعالت بشكل واضح في الفترة الأخيرة مناشدة الجهات المعنية بإيجاد حلول لهذه المشكلة التي باتت تؤثر بشكل واضح على أدائهم الوظيفي والعملي والمهني والدراسي والصحي،كون معظم الشرائح التي تستخدم وسائط النقل العامة غير قادرة على دفع فاتورة ارتياد سيارات الأجرة العامة ووسائل النقل الخاصة من «فانات» وغيرها.
التزود بالمازوت الحر
وعلى أثر تخفيض كميات المحروقات المخصصة للسرافيس لجأ سائقوها للتزود بالمازوت بشكل حر، وخلال جولة لـ»الثورة» لاستطلاع آراء بعض أصحاب السرافيس، يقول أبو سميح وهو سائق سرفيس يعمل على خط مزة -جبل – كراجات:»يتم تزويدنا بكميات قليلة لاتكاد تكفي رحلتين على الخط، فاضطر لشراء ليتر المازوت بشكل حر بـ20 ألف ليرة حتى أستطيع أن أخدم الخط الذي أعمل عليه وحالي كحال باقي السائقين الذين يقومون بهذا وللعلم فإن سعر ليتر المازوت في السوق السوداء يتراوح بين 24 – 30 ألف ليرة،مضيفاً إن وهناك فئة أخرى من السائقين تقوم باستهلاك مايتم تزويدها به من مادة المازوت، ومن ثم تعزف عن العمل تحاشياً للإشكالات التي تواجهنا من شكاوى المواطنين نتيجة تقاضي زيادة على التسعيرة كي تخفف من الخسارة التي لحقت بنا جراء تخفيض المخصصات اليومية لمركباتنا من مادة المازوت.
زيادة على التسعيرة
وكان سائقو بعض خطوط النقل العاملة ضمن العاصمة رفعوا أجرة السرفيس من ألف ليرة إلى ألفي ليرة مثل خطوط فيلات غربية – برامكة ومزة جبل – برامكة ومهاجرين – صناعة، وخلال ساعات الليل، أي بعد التاسعة مساءً، يطلبون أجرة تصل إلى 5000 ليرة، والحال ينطبق أيضاً على السرافيس العاملة على خطوط الضواحي القريبة من دمشق مثل ضاحية قدسيا ومدينة قدسيا والهامة ومناطق القلمون ووادي بردى والزبداني وقرى ومناطق الغوطة الشرقية.
المواجهة مع الراكب
سائقو السرافيس الذين التقتهم «الثورة» أكدوا أن حالهم أيضاً كحال الركاب،يعانون من ارتفاع السعر الحر للمحروقات وقطع الغيار ويكاد ما يكسبونه من عمليات نقل الركاب «لايسد رمقاً ولايكفي حاجة» حسب ما أفاد به ماجد أبو محمد سائق سرفيس على خطوط ضاحية قدسيا، أننا دائماً في خط المواجهة الأول مع المواطن الذي يتهمنا بالاستغلال وقلة الضمير والأخلاق متناسيا ما نعانيه في الحصول على المحروقات والمستلزمات الأخرى لمركباتنا.
انعكاس سلبي
تقول إيمان وهي طالبة جامعية في كلية الهندسة المدنية بنبرة فيها الكثير من التندر والتذمر من واقع أزمة المواصلات والنقل الحاصلة :«لا أخفيك سراً أنني عندما أحصل على مقعد خال في سرفيس وأجلس بشكل يليق بالراكب أشعر وكأنني ملكة متوجة جلست على عرشها متباهية بالحصول على هذا المقعد النادر في ظل هذا الازدحام الرهيب على وسائط النقل العامة، وأنظر من النافذة إلى من تبقى نظرة إشفاق على حالهم»، مبدية أسفها لهذا الشعور الذي بات يراودها في كل مرة تستطيع أن تحصل على مقعد خال في سرفيس أو باص،مضيفة وبعد كل هذه المعاناة المعنوية والانتظار لما قد يزيد عن الساعة أصل إلى جامعتي وغالباً متأخرة لأجلس غير متحمسة لكل ماسيقال في حرم المحاضرة أو الدرس بعد أن تشتت أفكاري وتعب جسدي من الجري لأحظى بتوصيلة.
فيما شكت أم حميد وهي عاملة في مخبر طبي من ألم في ظهرها وقدميها من الوقوف والانتظار يومياً لوقت طويل لتحظى بوسيلة نقل تقلها إلى عملها في حي العفيف.
الدراجات النارية دخلت على الخط
بدوره أكد أبوعمار موظف في شركة اتصالات أنه في أغلب الأحيان بات يضطر في ظل هذه الأزمة الخانقة إلى ركوب الفانات الصغيرة للوصول إلى بيته في ضاحية قدسيا مساء حيث يتقاضى السائقون مبلغ 15 ألف ليرة للراكب الواحد من جسر الرئيس.
وللدراجات النارية حديث آخر فقد دخلت هي الأخرى على خط توصيل المواطنين بمبالغ معقولة إلى الضواحي القريبة، لكن الخطر الذي يحدق بمن يركبها وخاصة إن زاد العدد عن اثنين – وهو الحاصل حالياً- يكاد يطرح إشارات استفهام ضخمة عن السماح لها بالعمل وتعريض حياة الركاب للخطر.
شكاوى كثيرة قد لايتسع مقالنا هذا لذكرها من طلاب وعمال وموظفين فقدوا الحماسة لأداء مهامهم كل في موقعه بسبب المعاناة اليومية التي تؤثر على مختلف النواحي في حياتهم اليومية وعلى جميع الصعد.
تبريرات غير واضحة
الجهات المعنية في دمشق وريفها كالعادة تصريحاتهم تبرر وتفند من دون الوصول بالمواطن إلى جواب مريح وصريح أو إلى فتح أفق من الأمل بإيجاد حلول حقيقية تساعده على التخلص أو على الأقل التخفيف من معاناته.
عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات في محافظة دمشق قيس رمضان بين أنه وبالرغم من وجود تخفيض في طلبات المحروقات، إلا أن بطاقات السرافيس تُفتح يومياً ويتم تزويدهم بمخصصاتهم من المازوت، باستثناء يوم الجمعة.
فيما أشار عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات في محافظة ريف دمشق محمود حيدر إلى أن عدد طلبات المازوت اليومية لريف دمشق يبلغ 15 طلباً، وأن التوريدات لهذا الشهر أفضل من الشهر الماضي، موضحاً أن الخدمة لا تزال غير مكتملة بنسبة 100%، ويتطلب ذلك زيادة في عدد الطلبات اليومية، مبيناً أنه يتم توزيع المازوت وفقاً للأولويات مثل المستشفيات والأفران والاتصالات وقطاعات النقل، منوهاً بأن هناك أكثر من 4 آلاف سرفيس يعملون على مختلف خطوط وبعضهم يتزود بالوقود من محطات دمشق، مثل سرافيس ضاحية قدسيا وجرمانا.
ولفت إلى أنه يتم حالياً دراسة موضوع تزويد سرافيس ريف دمشق بالوقود من محطات دمشق، مبرراً أن أزمة المواصلات قد تكون ناتجة عن عدم عمل بعض السرافيس أو وجود خلل في جهاز الـ GPS، موضحاً أن السرافيس التي لا تعمل على خطها لا تحصل على مخصصات المازوت.
وللعلم.. سائقو السرافيس نفوا هذه التصريحات وأن ذلك غير صحيح بالمطلق سواء لجهة تزويدهم اليومي بالمازوت أم لجهة أعطال نظام التتبع الإلكتروني Gps وأن كل تلك المبررات غير صحيحة.