خميس بن عبيد القطيطي- كاتب من سلطنة عمان:
قواعد الاشتباك هي عبارة عن قواعد أو مبادئ يلتزم بها جميع الأطراف في أي مواجهة مسلحة، إلا أن العدو الصهيوني ألغى عن قصد وتعمد كل قواعد الاشتباك في كل عدوان سافر منذ تواجد على أرض فلسطين، وقد تجلى ذلك في عدوانه الأخير على قطاع غزة بشكل لم يسبق له مثيل، وأسباب تمادي كيان الاحتلال أولاً: بسبب طبيعته الدموية الهمجية البربرية، وثانياً: لتوفر الغطاء الدولي وخصوصاً الأمريكي في عدوانه، وثالثاً: لأنه يعلم عدم وجود الردع.
والردع هنا نوعان أولهما: الردع الدولي الذي للأسف غاب تماماً فغابت القوانين الدولية أيضاً الأمر الذي جعله يتمادى أكثر في عدوانه السافر على المدنيين والأبرياء المحاصرين في قطاع غزة، أما النوع الثاني من الردع الذي نتحدث عنه هنا فهو الردع بالقوة المتوازية والمماثلة للعدوان من قبل محور المقاومة والردع المقصود هو الردع الذي يلغي كل قواعد الاشتباك المنصوص عليها في القانون الدولي والقانون الإنساني وبدون اللجوء إلى ذلك لن يرتدع هذا الكيان المجرم الذي أصبح عبئاً على المجتمع الدولي بأسره.
طوال معركة طوفان الأقصى وفي كل الضربات التي وجهتها المقاومة تجاه الكيان المحتل لم يتم تجاوز قواعد الاشتباك سواء ضربات المقاومة الفلسطينية أو حزب الله أو الصواريخ الموجهة من اليمن وكذلك الضربة الإيرانية استهدفت قواعد عسكرية رغم أنها جاءت رداً على انتهاك السيادة واغتيال القادة منهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية وما زالت ضربات المقاومة تتمسك بقواعد الاشتباك في ظل تمادي الكيان المحتل الذي استمرت تجاوزاته اللاأخلاقية واللاإنسانية واستمرأ ضرب المدنيين واستهداف المناطق المدنية الآمنة المكتظة بالسكان في حرب إبادة عرقية جماعية واغتيال القيادات السياسية والعسكرية خارج مناطق القتال كما أنه مارس سياسة التجويع والحصار ضد المدنيين من أطفال ونساء ومرضى في أقذر عدوان عرفه التاريخ.
فهل مع هذا العدو يمكن التقيد بقواعد الاشتباك؟!
الحصار المطبق على قطاع غزة واستهداف النازحين في المخيمات وخصوصاً في شمال غزة ومخيم جباليا الذي تحدث فيه مجازر مروعة بالإطباق على آخر تجمعات السكان في جباليا ومشروع بيت لاهيا كما يحاصر العدو 150 ألفاً من العائلات اللاجئة للمخيم بالدبابات والمسّيرات في آخر البقع التي انحازوا إليها ويقوم باقتلاعهم بقوة المدافع والقذائف المحرمة بهدف تهجيرهم ويواصل عمليته البربرية بتهجير سكان شمال غزة أو إبادتهم وهذا يمثل أكبر جريمة عرفها التاريخ، والحال في لبنان لا يختلف حيث يكثف العدو ضرباته الجوية التي تستهدف المرافق المدنية في تجاوز صارخ للقوانين والأعراف الدولية.
التهديد الصهيوني الأخير باستهداف البنية المدنية في إيران وخصوصاً المواقع النووية ومحطات الطاقة والمواقع الحيوية تمثل خرقاً مستمراً لقواعد الاشتباك ونسف كل القوانين الدولية والضرب بها عرض الحائط في حالة تجرد لا أخلاقي لم يسبق لها مثيل.
قانون نيوتن الثالث الذي يقول لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه والذي يجب أن يطبق اليوم في المواجهة الدائرة مع هذا العدو المارق الذي لن يردعه إلا تطبيق قانون نيوتن بنفس القدر للرد على تجاوزاته.
وهنا بات من حق المقاومة وإيران على وجه الخصوص أن تنصب صواريخها الاستراتيجية وترسل رسائل بليغة للعالم من خلال نشر خارطة تفصيلية للمواقع الصهيونية الحيوية المدنية الحساسة بالإحداثيات مع تحديد عدد ونوع الصواريخ الاستراتيجية الذي يحتاجه كل موقع للرد بالمثل على تجاوز الكيان الصهيوني لقواعد الاشتباك، مع العلم أنه قد سبق أن تسلم قائد القوة الجوفضائية الصلاحية الكاملة لتنفيذ مثل هذه الضربات المدمرة للكيان، وهذا الرد هو الكفيل بلجم وردع الكيان الغاصب عن استهداف المدنيين في غزة ولبنان وسيجبره أيضاً بعدم التفكير في أي مغامرة طالما يعلم أن صواريخ إيران الاستراتيجية لا تحتاج أكثر 12 دقيقة للوصول إلى الكيان.
روسيا والصين أيضاً وهما أهم القوى العظمى الدولية بالعالم يتوجب عليهما دور إنساني وأخلاقي كبير للتصدي لهذه الحالة المنفلتة التي تدفع العالم نحو حرب عالمية مدمرة والتحذير من مغبة تجاوزات الكيان الصهيوني وخروجه على قواعد الاشتباك ما يدفع العالم نحو المجهول وبالتالي على هذه القوى الدولية تشكيل تكتل عالمي لإجبار هذا الكيان المجرم على وقف عبثه بالأمن والسلم الدوليين وإلا فإن العاقبة وخيمة والرد المقابل لا يمكن تحديد سقفه أو تداعياته وسوف يضع العالم بأسره على شفير حرب عالمية لا يمكن التكهن بنتائجها.
* المقال ينشر بالتزامن مع صحيفة الوطن العمانية ورأي اليوم