الثورة – دمشق – جاك وهبه:
تواجه الصناعة السورية في الوقت الراهن تحديات جسيمة ناجمة عن الأوضاع الاقتصادية المتردية والعقوبات المفروضة، إضافة إلى الصعوبات اللوجستية المتعلقة بتوفير المواد الأولية والطاقة، فضلاً عن تراجع القوة الشرائية لدى المواطنين، ورغم هذه التحديات التي تعصف بالقطاع الصناعي، نجحت بعض المؤسسات الحكومية في تخطي جزء من هذه المعوقات وتقديم أداء مميز.
ومن بين هذه المؤسسات، برزت المؤسسة العامة للصناعات الهندسية، كأحد الأمثلة الإيجابية على كيفية تفعيل القدرات الوطنية لتحقيق النجاح.
فمنذ بداية عام 2024 وحتى نهاية شهر أيلول، أظهرت المؤسسة أداءً قوياً على مستوى الإنتاج السلعي والمبيعات، ما يعكس التحسن المستمر في عمل الشركات التابعة لها، ولم يكن هذا الأداء مجرد صدفة، بل نتيجة لخطط مدروسة وجهود ميدانية تهدف إلى رفع كفاءة الإنتاج وتعزيز التنافسية في الأسواق المحلية والدولية.
رؤية متكاملة
مدير عام المؤسسة، عبد الله نعمة، أشار في تصريح خاص لصحيفة “الثورة” إلى أن المؤسسة حققت قفزات نوعية على عدة أصعدة، تتماشى مع الأهداف الإستراتيجية التي وضعتها لدعم الاقتصاد الوطني، حيث تأتي هذه النتائج كجزء من رؤية متكاملة تهدف إلى تحسين الأداء التشغيلي وتعزيز قدرات الشركات التابعة للمؤسسة.
ولفت إلى أن التحسن الملحوظ في الإنتاج والمبيعات، سواء من حيث الكمية أو القيمة، يعد دليلاً واضحاً على القدرة التنافسية للشركات الصناعية السورية رغم ما تواجهه من صعوبات.
وأضاف نعمة، أن هذا التقدم لا يقتصر على مجرد الأرقام، بل يتعداه إلى مستوى الالتزام بتنفيذ مشاريع استثمارية جديدة تهدف إلى تطوير البنية التحتية للصناعات الهندسية وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، ما يسهم في تحسين الأداء البيئي وخفض التكاليف التشغيلية على المدى الطويل.
زيادة في الإنتاج السلعي
وبحسب التقرير الإنتاجي والتسويقي للمؤسسة، بلغت قيمة الإنتاج السلعي الفعلي بالأسعار الجارية لجميع الشركات التابعة حتى نهاية أيلول 2024 حوالى 453.4 مليار ليرة، مقارنة بـ 325.2 مليار ليرة في الفترة نفسها من العام الماضي، ما يمثل زيادة قدرها 139%، وهذا يعكس الجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج وتجاوز التحديات الاقتصادية والصناعية التي تعاني منها سورية.
مبيعات قياسية
أما فيما يتعلق بالمبيعات، فقد بلغت قيمتها الإجمالية لنفس الفترة 467.1 مليار ليرة، مقارنة بـ 314 مليار ليرة في العام الماضي، بزيادة قدرها 149%، ويشير هذا النمو إلى زيادة الطلب على المنتجات الوطنية وتحسن أداء الشركات في التسويق والتصدير، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
الأرباح والخسائر
وبالتالي استطاعت الشركات التابعة للمؤسسة تحقيق أرباح بلغت قيمتها قبل الضريبة 33.7 مليار ليرة، وهو مؤشر إيجابي على قدرة الشركات على تحقيق الأرباح رغم المصاعب المالية واللوجستية، وخطوة مهمة نحو تحسين الأداء المالي للشركات في القطاع الهندسي.
البنية التحتية
وفي إطار جهود المؤسسة الهندسية لتعزيز البنية التحتية وتلبية احتياجات البلاد، أوضح مديرها العام، أن الخطة الاستثمارية المقررة لعام 2024 قد بلغت اعتماداتها حوالى 60.2 مليار ليرة، وعلى الرغم من أن نسبة التنفيذ الحالية، التي تصل إلى 6.70%، قد تبدو متواضعة للوهلة الأولى، إلا أن هناك الكثير من الآمال المعلقة على العقود الكبيرة التي لا تزال قيد التصديق، والتي من المتوقع أن تسهم في رفع نسبة التنفيذ إلى 100%، ما يعزز قدرة المؤسسة على تحقيق أهدافها الإستراتيجية.
وفي التفاصيل، تشمل الخطة الاستثمارية مجموعة من المشاريع المتنوعة التي تهدف إلى استبدال وتجديد العديد من المرافق الأساسية، فمثلاً، تم تخصيص اعتماد نهائي بقيمة 59.8 مليار ليرة لعملية الاستبدال والتجديد، والتي تشمل مجموعة من المجالات الحيوية مثل المباني، الإنشاءات، الآلات، المعدات، ووسائل النقل.
إلى جانب ذلك، تتضمن الخطة مشاريع جديدة تصل قيمتها إلى 463 مليون ليرة، تشتمل على مبادرات مهمة مثل الربط الشبكي، والطاقات المتجددة، والإنشاءات، والمرافق، ويُظهر هذا التنوع في المشاريع رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز كفاءة المؤسسة وقدرتها على الاستجابة للتحديات المستقبلية، ما يجعل من هذا العام نقطة تحول في مسيرة المؤسسة الهندسية نحو التطور والازدهار.
التطلعات المستقبلية
ومع تحقيق هذه النتائج الإيجابية، تتطلع المؤسسة العامة للصناعات الهندسية إلى زيادة الاستثمارات في السنوات القادمة، مع التركيز على المشاريع الجديدة والطاقات المتجددة، التي تعد جزءاً من إستراتيجية الحكومة السورية لتعزيز الصناعة المحلية وتخفيف الاعتماد على الواردات، كذلك، فإن تحسين البنية التحتية للشركات ودعم الكفاءات الوطنية سيكون له دور كبير في زيادة الإنتاج وتحقيق نتائج أفضل في المستقبل.