الثورة:
شهد اجتماع رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد الجلالي اليوم مع اتحاد غرف الصناعة السورية حواراً موسعاً وشفافاً من دون سقوف، تناول مختلف قضايا الصناعة الوطنية ومطالب الصناعيين وسبل إيجاد الحلول للكثير من المشكلات التي قد تعيق العمل الصناعي، وتخفيض تكاليف الإنتاج ودعم المنتج التصديري ومراجعة بعض التشريعات الخاصة بالعمل الصناعي والتجاري، وبما يساهم في تعزيز دوران عجلة الإنتاج واستمرار تأمين حاجة السوق المحلية من مختلف السلع والمواد بجودة وأسعار مناسبة.
وأكد الدكتور الجلالي أهمية التفكير من بوابة الاقتصاد الوطني قبل الدخول في الأحاديث عن تقسيمات القطاعين العام والخاص، باعتبار أن معيار المنفعة الوطنية العليا مبني على حوامل القطاعين العام والخاص في آن معاً وهو ما يهمنا، مشدداً على أن القطاع الصناعي الخاص شريك وطني حقيقي في النشاط الاقتصادي الوطني، وحريصون على أن يحقق هذا القطاع أرباحاً وعوائد تتيح له إمكانية الاستمرار والتطور”.
وقال رئيس مجلس الوزراء: “عندما نقول إن القطاع الصناعي شريك في الحياة الاقتصادية فهذا يعني أن لهذا القطاع دوراً محدداً وأهدافاً محددة، كما أن للقطاع العام دوره وأهدافه، ومن الضرورة بمكان أن يركز كل قطاع على دوره ومسؤولياته، بما فيها المسؤولية الاجتماعية”، مضيفاً: ثقتنا كبيرة بالقطاع الخاص، ونشعر بالفخر والاعتزاز عندما نشاهد المنتج الصناعي السوري في الأسواق الخارجية، فعبارة “صنع في سورية” هي هوية وطنية وشهادة تقدير اقتصادية قبل أن تكون وثيقة فنية تسويقية.
من جهتهم رحب ممثلو اتحاد غرف الصناعة بما ورد في البيان الحكومي من لغة إيجابية ومنفتحة ومشجعة للقطاع الخاص، وأعربوا عن أملهم بأن تتمكن الحكومة من تحويل هذا البيان إلى واقع ملموس.
وانتقد ممثلو الاتحاد بعض التشريعات النافذة، ورأوا أن فيها قصوراً يعيق الاستجابة لمتطلبات الصناعة الوطنية، ومن هذه التشريعات التي تم انتقادها قانون الاستثمار رقم /18/ لعام 2021، والمرسوم التشريعي رقم /8/ لعام 2021 الخاص بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مشيرين إلى أنهم شاركوا خلال الأشهر الأخيرة بجهود كبيرة لإعادة صياغة أحكام المرسوم رقم /8/ لعام 2021 إلا أنه عاد إلى نقطة الصفر مع تشكيل الحكومة الجديدة.
وطالب بعض الأعضاء بالتعامل بشفافية وطنية “تكشف المستور” للتمكن من مواجهة الصعوبات بشكل عملي وموضوعي، ولا سيما فيما يتعلق بالضرائب والرسوم وعقوبات مخالفات أحكام التجارة الداخلية.
وأشار الدكتور الجلالي إلى أن العنصر الأكثر أهمية من تناول موضوع نسب ومعدلات الضرائب والرسوم وقيم الغرامات هو مفهوم ثقافة الالتزام المالي والثقة بين السلطة المالية والمكلفين من قطاع الأعمال، فعندما نتمتع بثقافة الالتزام من منظور وطني، وتسود الثقة بين السلطة المالية من جهة والمكلفين من جهة أخرى تتشكل القناعة بوجود تكامل بين طرفي المعادلة لما فيه المصلحة الوطنية العليا، وأن نمو وتطور أي من طرفي المعادلة هو شرط لازم لنمو وتطور الطرف الثاني، وما يتبقى من شكاوى أو اعتراضات سيبقى في الحدود الفنية والتقنية أو حتى القانونية والتشريعية أو حتى التجاوزات والأخطاء الفردية ومن السهولة بمكان التعامل معها ومعالجتها.
كما شدد الجلالي على أن الاجتماع مع الأسرة الصناعية الوطنية يجب أن يبدأ بالتوافق على ضرورة تنظيم القطاع الصناعي الوطني بشقيه العام والخاص، وكيفية تكامل الأدوار، بما يحقق أعلى قيمة مضافة من هذا القطاع ورفع قيمة ونسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.
وقال رئيس مجلس الوزراء: ما نريده هو بناء قطاع صناعي مخطط وموضوعي ومجد، فبلدنا ليس بلداً صناعياً، ومن غير الموضوعي أن نسعى لإقامة كافة الصناعات وأن نطالب بدعم كافة القطاعات والمعامل والأشغال الصناعية، مضيفاً: تكمن قدرتنا على تعزيز قدرة القطاع الصناعي الوطني بالقدرة على تحديد المزايا النسبية والتنافسية التي يجب أن نكون فيها وكذلك تحديد تلك القطاعات التي يجب أن نتخلى عنها أو نتحاشى الدخول فيها، فمن أهم المشاكل التي نعاني منها أن ندخل بشكل خاطئ في بعض القطاعات ثم تبدأ سلسلة غير متناهية من الإجراءات والخطوات الترقيعية لإنجاح هذه القطاعات وهي أساساً غير قابلة للنجاح.
كما لفت الدكتور الجلالي إلى التوجه نحو تعزيز الدور الإشرافي والتنظيمي للدولة في مجال القطاعات الاقتصادية والابتعاد عن الدور التشغيلي بشكل تدريجي، موضحاً أن الهدف النهائي للتوجهات الحكومية هو رفع كفاءة الاقتصاد الوطني وتحسين الواقع المعيشي لمختلف شرائح المجتمع.
وشهد موضوع الصناعات الدوائية نقاشاً مستفيضاً، حيث طالب الصناعيون باستصدار تشريعات تمنح معامل الأدوية إعفاءات جمركية وضريبية تساعد في تخفيض التكاليف وتخفيض الأسعار، إلا أن رؤية الحكومة لم تكن منسجمة مع هذه الطروحات، حيث أشار الدكتور الجلالي إلى ضرورة مراجعة السياسات السعرية الدوائية وضرورة وضعها في سياقها الطبيعي بعيداً عن القرارات الإدارية، بينما أوضح وزير الصناعة الدكتور محمد سامر الخليل أن التوجه الحكومي هو للابتعاد عن المسار الاستثنائي والعودة إلى المسار التصحيحي الذي يتعاطى بشفافية مع تحركات أسعار الصرف ومع الالتزامات الجمركية والضريبية، وكذلك مع المنظومة السعرية التي تلحظ التكاليف والأرباح بشكل منطقي وموضوعي، وبما يضمن استمرار توفر الأدوية في السوق المحلية.