مناشدات عدة أطلقها عدد من المزارعين في الساحل السوري لوقف زراعة الموز على حساب الزراعات الأخرى، ولاسيما أن الشريط الساحلي من أكثر الأماكن المناسبة للزراعات التكثيفية “عدة محاصيل في السنة” ولاسيما الخضار.
طبعا المزارع لم يتوجه الى الموز وغيره من النباتات الاستوائية راغبا، ولكنه أمام ارتفاع مستلزمات الإنتاج وارتفاع التكاليف وجد نفسه مرغما على البحث عن بدائل أقل تكلفة وأعلى مردودا.
المناشدات التي أطلقها البعض نابعة من خبرة وفهم عميق للواقع ومن حرص حقيقي على كل مزارع وعلى الجميع التعامل معها بجدية قبل أن تحل بهم الكوارث، وحينها لن ينفع الندم ولا كل أشكال التعويض والدعم الخجولة، فالموز سريع العطب ولا يمكن تصنيعه ولا تخزينه ولا تصديره ، والأسعار المناسبة اليوم لن تكون مناسبة في سنوات قادمة.
إدخال أصناف ومحاصيل وزراعات جديدة للتكيف مع الظروف الصعبة من جهة والتغير المناخي من جهة ثانية، يجب أن يكون مدروسا بدقة على أسس اقتصادية واجتماعية وبحثية كي لا يتشتت الإنتاج الزراعي ويفقد دوره كقطاع أساسي للغذاء والصناعة.
الحرير الطبيعي الذي كان يشكل مصدر دخل لكثير من العائلات ويعطي ميزة للنسيج والصناعة السورية التي وصلت إلى قصور الملوك والنبلاء في أوربا والغرب، انقرض بمؤامرة تجار وتواطؤ أصحاب قرار قبل عدة عقود فشلت الدولة في إعادته رغم المحاولات الكثيرة، وهكذا سيكون مصير أي محصول نتخلى عنه اليوم.
المشكلة أكبر من نجاح زراعة الموز ، فقد نجحنا في زراعة الحمضيات ولكن فشلنا في تسويقها وتصنيعها مع أن مواصفاتها أفضل بكثير، مقاومة للمناخ وقابلية للتصنيع والتخزين ويُمكن المنافسة بها .. المشكلة تسويقية ، تصنيعية فليس هناك من وقت ووفرة لنعيد تجارب فاشلة وخاسرة ولها انعكاس سلبي كبير على الاقتصاد الكلي.
التغيير سهل ولكن العودة صعبة كثيرا ، ولكن ما بين التغيير والعودة نخسر هويتنا وخصوصيتنا وميزتنا التنافسية وبالمحصلة نخسر اقتصادنا ونتحول من بلد إنتاج إلى بلد استهلاك تعصف به الأزمات.
ام احمد كانت تقول : طول عمرنا نعمل فرشات ولحف من الصوف والقطن وما نشعر بالبرد ، بس من وقت جابولنا بطانيات ولحافات ” كولسترول ” _ قصدها بولستر _ عمرنا ما عاد شبعنا الدفا”.
معد عيسى