الثورة – حلب – جهاد اصطيف:
شهر ونصف الشهر تقريباً مضى على بدء توزيع مازوت التدفئة ولا يزال المواطن في حلب ينتظر أن تصله رسالة المازوت، والمحددة بخمسين لتراً لكل عائلة.
وقبل الخوض في رحلة البحث عن البدائل “المبتكرة” وغير “المبتكرة” التي ابتدعها المواطن في حلب ليؤمن “فاكهة” الشتاء قبل اشتداد البرد، يهمنا أن نعلم أن حاجة المحافظة من مازوت التدفئة قد تصل إلى ما يقارب “٣٩” مليون ليتر لتغطية مخصصات نحو ٧٧٠ ألف بطاقة أسرية، وأن الكميات التي تصل للمحافظة، لا شك أنها لا تلبي الغاية المطلوبة، بمعنى أدق يمكن القول: إننا قد نمضي الشتاء وربما الشتاء القادم لتصلنا رسالة المازوت.
موسم شتاء “لا مازوت فيه”..
وأمام ذلك راح المواطن في حلب ليستعد لموسم شتاء لا مازوت فيه ولا غاز أو حتى كهرباء لزوم التدفئة والطعام والاستحمام، وبالتالي ستكون رحلة البحث عن البدائل أمراً محتوما، بالرغم من أن الكثير من الأسر لن تتمكن من إيجاد البديل، خاصة وأن الخمسين ليتراً بمختلف الأحوال وإن أتت، فهي لم ولن تكفي لأكثر من عشرين يوماً بحدها الأعظمي، ليجد المواطن نفسه أمام خيار آخر ورحلة بحث جديدة، ألا وهو تأمين أسطوانة غاز، ليصطدم المواطن بهذا الخيار أيضاً بعد أن وصل سعرها في السوق السوداء إلى نحو “٦٠٠ ” ألف ليرة، وهي مرشحة للزيادة كلما اشتد البرد .
الحطب سيد الموقف..
من هنا لجأ المواطن للخيار الذي يناسب دخله، وهذه المرة يفكر بالحطب وهو أحد البدائل المعول عليها، وحسب استطلاع أجرته صحيفة الثورة مع مواطنين في أكثر من مكان، وجدنا أن سعر الكيلو من حطب الزيتون في الأسواق يبلغ نحو “٤٥٠٠” ليرة، و ما يطلق عليه “المشكل” وصل إلى نحو “٣٥٠٠” ليرة ، بينما يصل سعر المورين إلى حوالى ” ٥٠٠٠ ” آلاف ليرة، وهي الأصناف الأكثر توفراً وشيوعاً.
ويرى أحد التجار في سوق الفحم القريب من مركز المدينة أن الأسعار في حلب أفضل من أسواق المحافظات الأخرى مع التأكيد على أن سعر الكيلو الواحد زاد أكثر من ألفي ليرة عن العام الذي سبقه، والسبب في ذلك زيادة تكاليف النقل من المصدر، في حين أكد تاجر آخر بأن الحطب له زبائنه رغم تراجع نسبة المبيعات نتيجة ظروف المواطنين وضعف القدرة الشرائية واستخدام مواد أخرى أرخص .
بدائل أخرى…
في المشهد الآخر ، كثيراً ما نشاهد أشخاصا يجمعون بعض الأغصان اليابسة المترامية من الحدائق والأحراش والجزر والمنصفات، تمهيداً لاستخدامها للتدفئة، وهنا قد يبدو الأمر مقبولا
ً، أمام الوسائل الأقل تكلفة، والتي تتمثل بتجميع الكرتون والأحذية التالفة والألبسة البالية، وبقايا الأقمشة من ورشات الخياطة “القصاصة” كوقود للتدفئة، رغم المضار الصحية التي تنتج عنها ، خاصة لكبار السن والأطفال وممن يعانون من الأمراض بطبيعة الحال .
في حين إحدى ربات البيوت قالت: إن المسألة ، يا ريت تقف عند هذا الحد ، فهناك الكثير وأنا منهم نبتاع “قشر” الذرة، أو الفستق لخلطه مع الحطب، إن وجد، أو القماش والكرتون و”كونات” خيوط النسيج وسواها، المهم في النهاية كما تقول أن نجد حلا لدرء برد الشتاء عن أولادنا.
محروقات: التوريدات ضعيفة..
وفي اتصال هاتفي مع مدير فرع الشركة السورية للمحروقات “سادكوب” المهندس رشاد السالم أفاد أن الكميات الموزعة من المازوت المنزلي منذ بدء عملية التوزيع في الثالث من الشهر الماضي تقريبا لتاريخه بلغت نحو مليوني ليتر ، أي ما يعادل نسبته ” ٥ إلى ٦ % ” من الحصص المقررة للمواطنين .
وأشار السالم إلى أن الكميات الواردة إلى حلب من مادة المازوت تصل إلى “١٥” طلباً لزوم النقل والزراعة والمنزلي والقطاع العام والمخابز والمستشفيات إضافة إلى القطاع الصناعي، وأن نسبة توزيع المنزلي منها تبلغ نحو “١٧ %”، علما أن نسبة التوزيع الكلي متقاربة مع بقية المحافظات ، وأن عملية التوزيع محكومة بالتوريدات، وعموماً التوريدات ضعيفة الأمر الذي ينعكس سلباً على واقع عملية التوزيع .
المواطن ضحية..
إذاً بات العبء على العائلة السورية يزداد أكثر فأكثر مع اشتداد برودة الطقس لجهة الاستعداد وتأمين مستلزمات فصل الشتاء القاسي، خاصة على أصحاب “الدخل المحدود” نظرا لصعوبة توفير وسائل التدفئة والتأخر الحاصل في توزيع مخصصات المواطن من مادة المازوت التي لم ترد بكميات مقبولة إلى المحافظة.