الثورة _ رفاه الدروبي:
يسعى عصام درويش إلى تصوير عالم الجمال بكلِّ تفاصيله، معتمداً على الإضاءة والألوان الشفافة ومهتمَّاً بترتيب عناصر اللوحة بدراسة جذابة تحمل جمالية مريحة لعين المتلقي، لا تهتم بالنظرة الجمالية فقط وإنَّما أعماله تحكي قصة عندما يُحوِّل ما يحيط بمساحة اللوحة فيرسمه وينشئ حواراً بصرياً مع المشاهد، كما تُشكِّل أعماله تناغماً لونياً وموسيقا دافئة ودفقاً من المشاعر الهادئة والتأمُّل.
التشكيلي درويش أشار إلى أنَّه شارك بلوحة في معرض «بينان» في المركز الثقافي الروسي وتُعتبر من أعمال المرحلة التنقيطية كونه عمل عليها ما يقارب عقدين من الزمن، واعتمد على تقنية خاصة تبرز التكوين المرسوم بوساطة نقاط صغيرة من اللون على سطح اللوحة بكثافة لونية يستطيع في النهاية إظهار الشكل المطلوب، بينما اتبع تقنيات معروفة ابتدعها الفنان الفرنسي «سورا» في المرحلة الانطباعية الفرنسية.
لكن ما يميز أعماله أنَّه يقترب بحذر من السريالية بحيث لا يستخدم مبالغاتها، ويعتقد أن تسمية «الواقعية السحرية» أنسب مصطلح لوصف أعماله، وتجتمع فيها العناصر الواقعية مع توزيع معين للأشكال، واستخدام مناسب للألوان فيظفر بجوٍّ له عناصر واقعية أرضية، ويشعرك بانتمائه لعالم آخر ممكن أن نشاهده في أحلامنا.
أمَّا اللوحة المعروضة فتصوِّر نافذة مفتوحة تقف وراءها امرأة لا يرى المتلقي منها إلا يدها وهي تمسك بستارة، تقف في ظل صالة بيت معتم وباب مفتوح في الخلف يصل إلى شاطئ وبحر أزرق في الأفق، وكل العناصر الواقعية يجري تصعيدها من خلال لعبة اللون والإضاءة لتزيد من غرابة الجو ما يساعد على إثارة تساؤلات حول ما تقوله اللوحة.
كما يبرز الفنان الدرويش عند التأمل الطويل اكتشاف سرٍّ صغير لا يُلاحظ مباشرة، يكون لرجل على رمل الشاطئ يتجه صوب الباب ربَّما ذاته من تنتظره المرأة خلف الستارة، ورغم أهمية اللعبة المركبة فإنَّ وجودها إضافي باعتبارها العنصر المهمّ في العمل الفني أساساً ومعرفة الفنان لأساسيات صنع لوحة، أي قوة الرسم، واللون وذكاء توزيع العناصر في الفراغ ببراعة استخدام النور والظل.