الغرب في عيون أسامة بن منقذ.. بين السيف والقلم 

الثورة – همسة زغيب :

في زمنٍ كانت فيه السيوف تكتب التاريخ قبل الأقلام، برز فارس عربي جعل من التجربة الحربية مدرسةً أدبيةً وإنسانيةً، فكان أسامة بن منقذ شاهداً على مرحلةٍ صاخبةٍ من التفاعل بين الشرق والغرب، وناقلًا أمينًا لصورة الأوروبيين كما رآهم في ميادين القتال ومجالس الصلح.

استعادت الجمعية الجغرافية في دمشق ملامح تلك المرحلة من خلال ندوة علمية حملت عنوان «أسامة بن منقذ بين مدارج الأمكنة والأزمنة»، قدّمها الدكتور راتب سكر، مسلّطاً الضوء على صورة الغرب في أدب هذا الفارس الأديب، الذي جمع بين السيف والقلم، فكان محارباً وشاعراً ومؤرخاً ومراقباً للآخر.

يُعيد الدكتور سكر قراءة نتاج أسامة في ضوء مفهوم «الصورلوجيا» أو علم الصور الأدبية، الذي يبحث في تمثّل الشعوب لبعضها في الأدب، مشيراً إلى أن ما كتبه أسامة عن الأوروبيين – أو «الإفرنج» كما سمّاهم – لم يكن مجرد انعكاس لعداءٍ عسكري، بل تعبير عن رؤيةٍ ثقافيةٍ معقّدة تزاوج بين الملاحظة الموضوعية والسخرية اللاذعة، وبين الحذر والإعجاب أحياناً.

فأسامة، الذي عاش بين الحروب الصليبية وشهد مدّها وجزرها، لم يتعامل مع الأوروبيين كأعداء مجردين، بل كخصومٍ لهم عادات وتقاليد ومواقف تستحق التأمل. فهو ينتقد جهلهم بالطب أو بأساليب القتال، لكنه يُثني على شجاعتهم أو وفائهم أحياناً، مقدّماً بذلك صورةً إنسانيةً متوازنة تبتعد عن التنميط أو الكراهية العمياء.

ويُبرز المحاضر أن أسامة لم يستخدم مصطلح «الصليبيين» في كتاباته، بل اكتفى بـ«الإفرنج» و«الفرنج»، في انسجامٍ مع لغة عصره، ما يعكس فهماً تاريخياً دقيقاً لطبيعة الصراع الذي لم يكن دينياً صرفاً بقدر ما كان صداماً على الأرض والنفوذ. هذه الملاحظة، كما يرى الدكتور سكر، تكشف عن وعيٍ لغوي وثقافي يُغني قراءة النص الأدبي ويدعو لإعادة النظر في المفاهيم التي ورثناها دون تمحيص.

الندوة، التي حضرها عدد من الباحثين والمهتمين بالأدب والتاريخ، تحوّلت إلى مساحةٍ للتفكير في كيفيات قراءة التراث العربي بعيونٍ جديدة. فأسامة بن منقذ ليس مجرد مؤرخٍ للحروب الصليبية، بل هو شاهدٌ على بدايات الحوار بين الشرق والغرب، حيث تداخلت القوة بالثقافة، والسيف بالقلم، والميدان بالفكر.

إن استعادة صوت أسامة اليوم ليست مجرد استرجاعٍ لماضٍ بطولي، بل هي دعوةٌ إلى فهم أعمق لصورة «الآخر» في وجداننا العربي، وإلى وعيٍ بأن التفاعل الحضاري لا يُختزل في الصراع، بل في القدرة على الرؤية عبر الاختلاف. وبين سطور «أسامة بن منقذ»، نجد أن التاريخ لا يكتبه المنتصرون فقط، بل أيضًا أولئك الذين تأملوا المعركة بعين الأديب وقلب الإنسان.

آخر الأخبار
كومباني وفابريغاس.. جيل مدربين شباب يصنع مستقبل الكرة الأوروبية الحياة تعود إلى ملاعبنا بعد منتصف الشهر القادم صوت النساء في مواجهة العنف الرقمي صورةٌ ثمنها مئات آلاف الشهداء المواطن يدفع الثمن واتحاد الحرفيين يعد بالإصلاح عندما تكون المنتخبات الوطنية وسيلة وليست غاية! أولى أمطار دمشق تكشف ضعف جاهزية شبكات التصريف خبراء: "يتم حشد المكونات السورية على طاولة العاشر من آذار" العنف ضد المرأة.. جروح لا تندمل وتحدٍّ ينتظر الحلول مندوب سوريا الدائم في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية: مرحلة جديدة من التعاون واستعادة الحقوق السورية جولة المفاجآت الثقيلة في دوري أبطال أوروبا مواجهات قوية في الدوري الأوروبي الذكاء الاصطناعي التوليدي .. أنسنة رقمية أم تكامل تنموي؟ مع ولادة اتحاد الكرة الجديد كيف ترى خبراتنا الرياضية مستقبل الكرة السورية؟ فعاليات اقتصادية تطالب بتكافؤ العلاقة التجارية بين سوريا والأردن كرنفال رياضي ثقافي بذكرى التحرير بحمص كأس العرب (FIFA قطر 2025) وفرصة المشاهدة عن قرب نقص الأدوية في المشافي الحكومية.. وزارة الصحة تكشف الأسباب وتطرح خطة إصلاح لقب (حلب ست الكل) بين حمص الفداء والأهلي سوريا تتسلّم رئاسة مجلس وزراء الإعلام العرب في الجامعة العربية