الثورة – دمشق – رزان أحمد:
شبه الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي الدكتور نبيل الخوري، التنمية بعربة يسيرها جوادان “القطاع العام، والقطاع الخاص”، مشيراً إلى أنه ليأخذ القطاع الخاص دوره في عمليات التنمية قدمت الدولة الكثير من التسهيلات والتعديلات التشريعية لتعزيز هذا الدور.
الشراكات الاقتصادية منذ الخمسينات،
وبالعودة إلى المشاريع المشتركة بين القطاع العام والخاص في سورية قبل القانون رقم 5 لعام 2016، يقول الخبير الاقتصادي: تمت في سورية شراكات اقتصادية بين القطاعين العام والخاص منذ أوائل الخمسينات، ومنها عقد استثمار المرفأ ومن الأمثلة تشاركية الإنتاج بين الدولة والقطاع الخاص الأجنبي في مجال النفط والغاز منذ منتصف السبعينات، ثم من خلال المشاريع السياحية المختلفة التي تبناها بعض رجال الأعمال خلال السبعينات كذلك، ثم المشاريع الزراعية المشمولة بالقانون رقم 10 لعام 1986، والمشاريع السياحية التي تندرج تحت قرار المجلس الأعلى للسياحة رقم 186 لعام 1985.
التأهيل والإدارة
وطرح مثالاً أيضاً التشاركية في التأهيل والتشغيل والإدارة في بعض المنشآت الصناعية العامة من قبل القطاع الخاص (مثال مشروع الورق في دير الزور ومشروع الإسمنت في طرطوس)، ثم هناك عقدا الاتصالات بين الدولة وشركتي الخلوي الموقعين في العام 2001، ومشروعا إدارة الحاويات، الأول في مرفأ طرطوس الموقع عام 2007 والثاني في مرفأ اللاذقية الموقع عام 2009. فقد تأسست هذه الشركات الربحية في ظل قوانين محددة تشمل تحديد دور وحصة كل من القطاعين في المشروع وتضمنت حوافز مختلفة له في كل حالة دون منطق محدد للحوافز الممنوحة (العقد شريعة المتعاقدين).
قانون التشاركية
وعليه- والكلام للدكتور الخوري- مما أوجب إصدار قانون خاص ينظم تشاركية العام والخاص في المشاريع الإنتاجية والخدمية الهادفة إلى الربح وفي كل القطاعات الاقتصادية، وفي هذا الإطار وقّعت الدولة في 2008 مذكرة تفاهم مع وكالة التمويل الدولية (IFC) العائدة للبنك الدولي، تضمنت مساعدة الوكالة للحكومة في إنشاء وحدة مركزية للشراكة بين العام والخاص، تكون مهمتها تطوير الإطار القانوني للتشاركية، وتم بعد ذلك إعداد مسودة أولية لقانون ينظم التشاركية بين القطاعين، كما تمت إقامة مؤتمر خاص للتشاركية في دمشق في العام 2009 بتنظيم من الجمعية السورية البريطانية في لندن. ثم توقفت هذه الجهود مع بدء الحرب الكونية على سورية في أوائل العام 2011، ومن واقع الحاجة الملحة نتيجة تداعيات الحرب وافتقار سورية لرؤوس الأموال (لجملة أسباب)، أصدر السيد الرئيس بشار الأسد، القانون رقم /5/ لعام 2016 حول التشاركية بين القطاعين العام والخاص، بما يوفر الإطار الناظم لعقود التشاركية، بهدف تمكين القطاع الخاص من المشاركة في واحد أو أكثر من عدة أعمال هي (تصميم أو إنشاء أو بناء أو تنفيذ أو صيانة أو إعادة تأهيل أو تطوير أو إدارة أو تشغيل مرفق عام أو مشروع لدى الجهة العامة، وذلك بهدف المساهمة في تقديم خدمة عامة، أو أي خدمة تتوخى المصلحة العامة مباشرة إلى الجهة العامة المتعاقدة أو نيابة عنها إلى المستفيد النهائي).
مشاريع المرافق العامة
وقال: شمل قانون التشاركية، حسب ما جاء في المادة الثانية منه، “مشاريع المرافق العامة والبنى التحتية والمشاريع العائدة ملكيتها للقطاع العام”، وبالتالي فقد شمل القانون جميع مشاريع القطاع العام، بينما حصرت قوانين التشاركية في مصر ولبنان والأردن نطاق عملها في “مشاريع البنى الأساسية والمرافق العامة”، مستثنية المشاريع الهادفة إلى الربح، وقد استثنى القانون رقم 5 في المادة الثالثة منه “عقود استكشاف واستثمار الثروات الطبيعية مثل النفط”.
حاجة ملحة
واعتبر أنه منذ صدور القانون بدأت وزارات الدولة المختلفة، وخاصة وزارات الصناعة والسياحة والنقل والكهرباء بتوسيع لائحة مشاريعها المرشحة للتنفيذ في ظل قانون التشاركية الجديد، فالتشاركية اليوم حاجة ملحّة في مرحلة إعادة الإعمار، وهي تساهم في تعزيز العمل الوطني بمساهمتها في إعادة الإعمار وفي التخفيف من التمويل الخارجي، وهناك ضوابط في القانون تحمي حقوق الدولة، وإذا لم تجد الدولة شريكاً خاصاً لهذه المشاريع وافتقدت للقدرة على تنفيذها وتمويلها فسيخسر الاقتصاد ويضعف نموه، وسنخسر فرص العمالة التي تحققه هذه المشاريع، كما سيخسر الاقتصاد المشاريع الإنتاجية الربحية التي ستستفيد من مشاريع البنى التحتية.
تعديلات على القانون
ورأى الخبير الاقتصادي ضرورة إجراء تعديلات رئيسية في القانون، تشمل نطاق المشاريع القابلة للتشاركية بشكل صريح، إضافة إلى تعديلات متعددة أخرى، كما لا يجوز أن تصبح التشاركية مخرجاً لمعالجة المشاريع المتعثرة في القطاع العام، فقانون التشاركية لم يصدر لإنقاذ هذه المشاريع المتعثرة.
وعلى القطاع العام اتخاذ القرارات الجريئة اللازمة لوقف استنزاف موارد الدولة المادية والبشرية.
وأشار الدكتور الخوري إلى أن هناك حاجة لتقوية قدرات الدولة الإدارية والتخطيطية والتنفيذية، لتتمكن من إعداد ملفات المشاريع وطرحها بكفاءة وشفافية ومن دون تمييز من جهة أولى، كما هناك حاجة لتنمية المهارات لكوادرها لتنظيم وصياغة العقود من جهة ثانية، والاعتماد على جهات محلية ذات خبرة في إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع وعملية طرحها بشكل احترافي وشفاف وتقييم المخاطر من جهة ثالثة، فضلاً عن تنمية مهارات التفاوض مع الشريك الخاص الذي من الممكن أن يكون أقوى خبرة ومهارة من ممثلي الدولة في التفاوض من جهة رابعة.
أهم التحديات
وبحسب الخبير الاقتصادي- أهم التحديات التي واجهت مشاريع التشاركية في مختلف القطاعات، هي الافتقار للمؤسسات المصرفية الاستثمارية، والمؤسسات المالية غير المصرفية التي تقدم التمويل طويل الأجل، وعدم وجود المناخ الاستثماري الجاذب في ظل الحرب القائمة على سورية، فضلاً عن هجرة رأس المال الخاص السوري، ناهيك عن عدم وجود الاستقرار المالي.