ارفع راسك فوق أنت سوري حر

عمار النعمة:

لم يكن المشهد عادياً بالنسبة لنا نحن السوريين منذ ليلة سقوط النظام، مروراً بتاريخ ٣١/١٢/٢٠٢٤ وحتى اليوم.. فما رأيناه من أحداث ومشاهد كان يدمع العيون فرحاً ودهشة وينعش القلوب بهجة وسروراً.
نعم.. مشهد الساعة الثانية عشرة ليلاً في أي ليلة رأس السنة كان عظيماً بتفاصيله، حيث الجموع تحتفل بالانتصار في ساحة الأمويين وكل شرايين دمشق، وكانت العبارة الجميلة المكتوبة على شاشة التلفاز (السوريون يحتفلون برأس السنة من دون الأسد).. وحناجر السوريين تقول بصوت عال: ارفع راسك فوق أنت سوري حر.. عبارة افتقدناها لسنوات طويلة وقد جاء اليوم لنطرب لسماعها ونكحل أعيننا برؤيتها.
اليوم وكل يوم، تعود بنا الذاكرة إلى مجموعة من المثقفين والأدباء والشعراء الذي مروا في سني حياتنا.. هؤلاء، ليسوا من اختراع السلطة، فكانوا مبعدين نوعاً ما ليحل مكانهم مثقفون من نوع آخر.
وهنا نستذكر قصيدة الشاعر نزار قباني، على سبيل المثال، التي كنا نقرأها في قلوبنا (عنترة) التي قال فيها:
هـذي البـلاد شـقـةٌ مفـروشـةٌ، يملكها شخصٌ يسمى عنتره..
يسـكر طوال الليل عنـد بابهـا، ويجمع الإيجـار من سكـانهـا..
ويطلب الزواج من نسـوانهـا، ويطلق النـار على الأشجـار..
والأطفـال… والعيـون… والأثـداء… والضفـائر المعطـره..
هـذي البـلاد كلهـا مزرعـةٌ شخصيـةٌ لعنـتره…
سـماؤهـا.. هواؤهـا… نسـاؤها… حقولهـا المخضوضره…
كل البنايـات – هنـا – يسـكن فيها عـنتره…
كل الشـبابيك عليـها صـورةٌ لعـنتره…
كل الميـادين هنـا، تحمـل اسـم عــنتره…
عــنترةٌ يقـيم فـي ثيـابنـا… فـي ربطـة الخـبز…
وفـي زجـاجـة الكولا، وفـي أحـلامنـا المحتضـره…
مـدينـةٌ مهـجورةٌ مهجـره…
لا شـيء – في إذاعـة الصـباح – نهتـم به…
فـالخـبر الأول – فيهـا – خبرٌ عن عــنتره…
والخـبر الأخـير – فيهـا – خبرٌ عن عــنتره…
لا شـيء – في البرنامج الثـاني – سـوى:
عـزفٌ – عـلى القـانون – من مؤلفـات عــنتره…
ولـوحـةٌ زيتيـةٌ من خـربشــات عــنتره…
وبـاقـةٌ من أردئ الشـعر بصـوت عـنتره…
هذي بلادٌ يمنح المثقفون – فيها – صوتهم، لسـيد المثقفين عنتره…
يجملون قـبحه، يؤرخون عصره، وينشرون فكره…
ويقـرعون الطبـل فـي حـروبـه المظـفره…
لا نجـم – في شـاشـة التلفـاز – إلا عــنتره…
لاشك أن للثقافة دوراً كبيراً في ترسيخ قيم الحرية والعدالة في المجتمع ورفض الظلم والتسلط والاستبداد السياسي، باعتبارها شعلة الحياة، وأساس المجتمع ونبراس الشعوب والمحرك لها في مواجهة الطغيان، وهنا نؤكد في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا على أهمية دور الأديب والناقد في الارتقاء بالقيم والسلوك العام للشعوب، وتثقيف الناس ورفضها للتبعية والقهر والاستبداد.. ليبقوا أحرارا كما نحن الآن.
سنبقى يداً واحدة وقلباً واحداً، لنبني ونعمر وطننا من جديد بالكلمة والثقافة وكتابة القصص والروايات التي تتحدث عن الظلم الذي خلفه النظام البائد، ولنكتب دروسا للعالم أجمع كيف استطاع السوريون رسم تاريخهم، وكيف سيبنون سوريا الجديدة بلاد الحضارة والثقافة والفنون.

 

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار