شهر على التحرير.. أيام تزيح غمامة سنوات مرت.. المهمة ثقيلة على القائمين في دمشق بل تبدو أثقل من سقوط نظام ضمن تجارب شهدتها المنطقة .. فهي سوريا التي تحررت بعد أن تشظت بين المعتقلات والتهجير والتجويع والظلم والفقر المدقع وارتهان القرار السياسي لأجندات إقليمية بعيدة عن تطلعات الحرية للشعب والذي دخل في منظومة استراتيجية الأذرع الإيرانية بعيداً عن عمقه العربي .. وهي سوريا التي تحتاج الكثير من الجهود العربية والدولية لاستعادة التوازن وضبط الساعة السياسية بما يبدد المخاوف والقلق ونهش الوقت الذي يأكل من عمر السوريين.
ازدحمت الخطوات العربية والغربية في الطريق الى دمشق ووزراء ووفود وشخصيات من دول العالم كسرت عتبة القطيعة مع قصر الشعب السوري وعادت بعد سنوات تتلمس التغيير من قرار الشعب، مبادرة الى السوريين بالمساعدات الإغاثية ووعود رفع العقوبات ونيات إعادة الإعمار وتحريك العجلة الاقتصادية لكن…
سوريا بثقلها السياسي ومكانتها العربية والعالمية تدور في فلكها أحداث المنطقة، فسلامها هو استقرار للمنطقة ويتطلب تنسيق الجهود الدولية حولها وضمن عمقها العربي الحقيقي وهو ما التقطته الرياض.. وانطلاقا من مؤتمر العقبة السابق كانت المبادرة الأولى في ضيافة المملكة العربية السعودية والتي أخذت دورها الإنساني تجاه الشقيقة السورية مباشرة بعد سقوط النظام بإنشاء جسر جوي إغاثي مستمر حتى اللحظة، ونراها اليوم في مبادرة سياسية تحشد العرب لمد الأيادي للسوريين وتقارب بين دمشق والغرب، باستضافة اجتماع موسع لوزراء خارجية دول عربية وغربية، وممثلي منظمات أممية ودولية في الرياض للخروج بخارطة طريق سياسية واضحة المعالم تستطيع فيها دمشق ترتيب بيتها الداخلي وأوراق سياستها الخارجية مجدداً بعملية يقودها السوريون أنفسهم تضمن دعما عربيا ودوليا موحدا لاستقرار سوريا، بما ينعكس على استقرار المنطقة والشرق الأوسط كله.
انطلاق الاجتماع حول سورية من الرياض وبحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني هو فرصة هامة لتقديم رؤية القيادة السورية الجديدة حول ملامح المرحلة السورية المقبلة وهو منبر سياسي عربي لإطلاق صرخة رفع العقوبات الغربية عن سورية بتأييد سعودي عربي ووسط مشاركات أوروبية وأميركية.
قد تكون صرخة رفع العقوبات أقوى الرسائل وأكثر مخرجات اجتماع الرياض أهمية، خاصة بالنسبة للسوريين، الغرب سمعها على مقربة من سمع وبصر وزراء خارجيته لذلك قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك من اجتماع الرياض أنه على الغرب اتباع نهج ذكي لرفع العقوبات عن سورية ربما لأنها تريد استمرار العقوبات وربما أيضا لأن الدول الأوروبية والغربية تجد في العقوبات وسيلة للضغط فلا ترغب في رفعها دفعة واحدة.
#صحيفة_الثورة