الثورة – سنان سوادي:
تشكل العادات والتقاليد والمناسبات الاجتماعية أحد حوامل الثقافة التي تعكس حضارة وفكر شعب ما، وتعزز وتؤكد هويته الحضارية وعمقه الثقافي وتجذره بالأرض وانتمائه لها.
ويعد عيد “القوزلة” الذي يحتفل به أهالي الساحل السوري، أحد هذه المناسبات الاجتماعية التي تشير إلى التنوع والتمازج الحضاري والثقافي، وعن هذه المناسبة يحدثنا الباحث التراثي حيدر نعيسة قائلاً: عيد القوزلة هو مناسبة اجتماعية وليست دينية، ويمثل رأس السنة الشرقي الذي يبدأ من مغيب شمس يوم 13 كانون الثاني/ غربي، الذي يصادف يوم 31 كانون الثاني/ شرقي، ويتم إشعال النيران على رؤوس الجبال والتلال وساحات القرى وذبح الأضاحي، ومن العادات القديمة التي لم تعد موجودة أخذ رماد النيران ونثره في الحقول والأراضي، وذلك لزيادة خصوبة الأرض وإنتاجها.
وبين نعيسة أن كلمة “القوزلة” لها معان متعددة، ففي الكنعانية تعني نهاية شيء وبداية آخر، وفي الآرامية تعني البداية، وفي الآشورية تعني إشعال النيران.
وينسب البعض هذه المناسبة إلى عهود قديمة فمنهم من يقول لنجاة سيدنا إبراهيم من نار النمرود، لذلك تشعل النيران تيمناً، ويعتقد أن النرجس الذي يعد باكورة أزهار الشتاء والربيع قد نما من الرماد الذي تشكل من نار إبراهيم، فيما ينسبه آخرون إلى قربان هابيل الذي التهمته النيران دون أن تلتهم قربان أخيه قابيل.
وكانت الاحتفالات فيما مضى تستمر لسبعة أيام من 13 وحتى 19 كانون الثاني، الذي يمثل يوم القداس، ثم يذهب الشباب في ساعات الصباح الأولى إلى الاستحمام في النهر أو البحر معتقدين أن الاستحمام في هذا اليوم يجلب الصحة والعافية والطهارة للجسد.
وأشار إلى أنه يتم في عيد القوزلة ذبح الأضاحي وخاصة الجداء، وإعداد الطعام اعتماداً على المؤن الزراعية الريفية، ولاسيما البرغل الذي ارتبط بالقوزلة والطحين، إضافة إلى اللبن والكبب المحشية بالسلق والبصل واللحم المفروم، والكعك الذي يُخبز على الصاج أو التنور.
وفي هذا العيد يتبادل الناس التهاني بالقول “عيد مبارك عليك”، وتنتهي الخصومات وتبدأ المصالحات بحضور وجهاء القرية، ثم التوجه إلى زيارات المقابر وقراءة الفاتحة.
ولم يعد من مظاهره اليوم سوى زيارات يتبادلها الأصحاب والأقارب، وإعداد طعام العيد.
#صحيفة_الثورة