“دافوس” .. سوريا ترسم ملامح حضورها على الخريطة الاقتصادية العالمية

الثورة – ناصر منذر:

لأول مرة في تاريخها، تشارك سوريا، بفعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي” دافوس” والذي انطلقت أعماله في المنتجع السويسري قبل يومين تحت شعار “التعاون من أجل العصر الذكي”، ويستمر حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري، ويجمع قيادات عالمية كبرى في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والسياسة والمجتمع، يناقشون القضايا الاقتصادية والتكنولوجية والبيئية الراهنة وسبل إيجاد حلول لها.
سوريا تكسر عزلتها
مشاركة سوريا بأعمال المنتدى ممثلة بوفد يرأسه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال أسعد الشيباني، لها الكثير من المعاني والدلالات على المستويين المحلي والعالمي، لجهة إبراز دور سوريا وحضورها القوي في المحافل السياسية والاقتصادية، من جانب، ولجهة نجاحها – وبوقت قصير جداً- في كسر العزلة الدولية، وعودة اندماجها مع المجتمع الدولي بعد عقود طويلة من استبعادها ولفظها خارج السرب العالمي، بسبب سياسات النظام المخلوع، الذي دأب طوال فترة حكمه في العمل على بناء مزرعة خاصة، وليس بناء دولة قوية ومؤثرة لها حضورها الوازن على المسرح العالمي.
يأتي هذا الإنجاز، كثمرة جهود مضنية قادتها الإدارة الجديدة لإعادة نسج العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع دول العالم، وبناء شراكات إستراتيجية معها، اعتماداً على الحوار والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، ومن هذا المنطلق لم تزل دمشق تشهد المزيد من الحراك السياسي والدبلوماسي، والذي تترجمه زيارات الوفود العربية والأجنبية، والتي لمست بدورها الرغبة الحقيقية للإدارة الجديدة في التعاون مع المجتمع الدولي، لاسيما بعد تأكيداتها المستمرة بأن سوريا ستكون أولاً: مصدر أمان لجيرانها ولن تكون مصدر تهديد لهم، وأنها ستكون ثانياً: مصدراً للسلام والأمان للجوار والعالم ككل.

فرصة مهمة لسوريا الجديدة
رسائل التطمين التي وجهتها الإدارة الجديدة للمجتمع الدولي، سرعان ما تلقفتها الدول العربية والأجنبية، والتي سارع العديد منها إلى مد يد العون في هذه المرحلة، وبناء علاقات وثيقة مع سوريا الجديدة، ومن هنا جاءت دعوة سوريا للمشاركة في “دافوس”، كتأكيد إضافي على رغبة المجتمع الدولي باحتضان سوريا بعد سقوط النظام البائد، ومن شأن هذا المنتدى الاقتصادي العالمي أن يمنح الفرصة للإدارة الجديدة لنقل رؤيتها الاقتصادية والسياسية للبلاد.
وفي هذا الصدد قال الوزير الشيباني عشية مشاركته في “دافوس”: “سأتشرف بتمثيل ‎سوريا لأول مرة في تاريخها في منتدى الاقتصاد العالمي ‎دافوس-2025 في ‎سويسرا، سننقل للعالم رؤيتنا التنموية حول مستقبل سوريا وتطلعات شعبنا العظيم”.
وأوضح أن هذه المشاركة ستتيح الفرصة لعرض الرؤية التنموية لمستقبل سوريا وتطلعات شعبها أمام المجتمع الدولي.
رفع العقوبات حاجة ملحة
لا شك أن سوريا تواجه في هذه المرحلة العديد من العقبات والتحديات على صعيد إعادة النهوض والبناء والإعمار، وفي مقدمتها العقوبات الغربية المفروضة على الشعب السوري، ومن شأن مشاركة سورية في المنتدى الاقتصادي العالمي، أن يتيح لها مساحة أوسع لشرح وجهات نظرها في هذا الشأن، وكيفية المساعدة التي تحتاجها في هذا السياق، لاسيما وأن الإدارة الجديدة قد ورثت إرثاً ثقيلاً من الأعباء التي خلفها النظام المخلوع، حيث حجم الدمار واسع جداً، في المدن والقرى وبناها التحتية ومرافقها الاقتصادية، وكلها تحتاج للعمل المضني والشاق خلال المرحلة القادمة، من أجل ترسيخ الاستقرار وتثبيت الأمان، وهذا يتطلب من المجتمع الدولي التكاتف لمساعدة سوريا، ولعل رفع العقوبات بشكل كامل في إعادة البناء والإعمار، يرفع الكثير من الأعباء الثقيلة عن كاهل الشعب السوري، الذي عانى طوال عقود طويلة من سياسات النظام البائد.
مشاركة سوريا في “دافوس”، سيكون لها الأثر الكبير لجهة فتح الأبواب على مصراعيها أمام المساعدات والاستثمارات العربية والأجنبية، والتي باتت تشكل حاجة ضرورية للمساهمة بإعادة بناء اقتصادنا الوطني المدمر، وبالتالي تثبيت حضور سوريا على الخارطة الاقتصادية العالمية.
دعم عربي وتركي
دعم الأشقاء العرب كان واضحاً بعد سقوط النظام المخلوع، ويحسب لهم اليوم دورهم اللافت في حث المجتمع الدولي على مد يد العون لسوريا، وضرورة رفع العقوبات عن كاهلها، ولنا في تأكيد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، خلال كلمته أمام “دافوس” يوم أمس بأن لدى الإدارة السورية رغبة كبيرة للتعاون مع المجتمع الدولي، خير دليل على جدية الدول العربية في الوقوف إلى جانب سوريا، كي تتمكن من الوصول إلى بر الأمان، على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقال بن فرحان خلال الكلمة: هناك فرصة كبيرة لنقل البلد العربي الشقيق إلى اتجاه إيجابي، مشدداً على ضرورة بذل المزيد لرفع العقوبات الدولية عن سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وأضاف: يتعين علينا جميعاً أن نمد يد العون لسوريا لأن الإدارة الجديدة ورثت تركة ثقيلة، واعتبر أنه على المجتمع الدولي مساعدة سوريا في المرحلة الانتقالية.
كذلك اعتبر رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن الإدارة الجديدة، التي تولت المسؤولية “تحتاج إلى المساعدة من أجل استقرار الوضع في البلاد”.
ولا يمكننا أيضاً إغفال الدور التركي المهم في العمل على مساعدة سوريا على مختلف المستويات، ومطالبة المسؤولين الأتراك للمجتمع الدولي بضرورة العمل سريعاً على رفع العقوبات عن سوريا، وآخرها يوم أمس عندما أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بعد اجتماعه ونائب الرئيس التركي جودت يلماز مع حاجة لحبيب عضو المفوضية الأوروبية لشؤون المساواة والاستعداد وإدارة الأزمات، على ضرورة استمرار التعاون مع الاتحاد الأوروبي بهدف رفع العقوبات عن سوريا وعودة اقتصادها إلى طبيعته بما يسهم في تحقيق التنمية ويتيح العودة الآمنة للملايين من اللاجئين الذين أُجبروا على مغادرة ديارهم.
آمال كبيرة
السوريون، يعقدون اليوم آمالاً عريضة على المجتمع الدولي في المساهمة برفع العقوبات بشكل كامل، بما يساعدهم في عملية إعادة بناء بلدهم، والنهوض به مجدداً.
يشار إلى أن منتدى “دافوس” هذا العام، سيجمع أكثر من 3 آلاف من قادة الحكومات، ورواد الأعمال، والخبراء، وممثلي المجتمع المدني، لتبادل الرؤى وتنسيق الجهود الرامية إلى تحقيق تنمية مستدامة وشاملة.
وبحسب ما تناقلته وسائل الإعلام العربية والأجنبية، فإن المنتدى سيتناول مجموعة من التحديات الأساسية مثل معالجة الصدمات الجيوسياسية، وتعزيز النمو الاقتصادي بما يساهم في تحسين مستويات المعيشة، فضلاً عن دفع التحول العادل والشامل في قطاع الطاقة بما يتماشى مع تطورات العصر التكنولوجي الحديث.
#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
الشيباني لـ "فايننشال تايمز": نسعى إلى بناء اقتصاد مزدهر الدكتور الشرع يبحث مع "الصحة العالمية" و"صندوق الأمم المتحدة" الرعاية الصحية الأولية الصفدي: السوريون يعيدون بناء وطنهم الحر الموحد "Euractiv": سوريا تنهي الوجود الروسي في البحر المتوسط "دافوس" .. سوريا ترسم ملامح حضورها على الخريطة الاقتصادية العالمية "المركزي" يسعى لخطوات ناظمة تعيد الاستثمار إلى مكانه الصحيح والأكثر فائدة هيئة الاستثمار في طور إعادة الهيكلة الاستثمار بالزراعة أولاً إيقاف الودائع بالقطع الأجنبي.. خطوة جريئة أم مخاطرة اقتصادية؟ "البسطات العشوائية".. ظاهرة تتفاقم وباتت مشكلة فرنسا تصدر مذكرة اعتقال بحق الأسد الدمار في حلب.. وحشية بلا حدود قريباً.. مركز للنظافة في داريا بدايات جديدة لغدٍ أفضل تزويد محطات مياه طرطوس بالوقود في "دير ماما".. صناعة الحرير الطبيعي تدهورت زمن النظام البائد فهل ننقذها من الاندثار؟ مخبر "النيماتودا" في معبر نصيب للتأكد من سلامة الإرساليات النباتية إزالة الركام من حي المنشية في درعا البلد مراكز درعا الصحية تواصل تقديم خدمات اللقاح ببراميل النظام المجرم وصواريخه.. دمار هائل في حلب