الثورة – لجينة سلامة:
مع سقوط النظام الفاسد انتشر مصطلح (التكويع)، وصار ترنداً على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الشارع والبيوت كافة، بغض النظر عن معنى هذه الكلمة في معجم اللغة العربية، والتي في المجمل تعني بما معناه أن شخصاً عدل من مواقفه المبدئية فجأة وعطف فيها إلى حد مفاجئ للآخر.
فلان كوّع من أول ساعة بعد سقوط النظام، وفلان كوّع كثيراً وآخر جاءت تكويعته حادة على الزاوية.
اليوم وبعد أقل من شهرين على إنجاز التغيرات الجديدة في سوريا تطرح العديد من التساؤلات التي تراود العديد من أبناء الشعب السوري، خاصة أولئك الذين عاشوا الحرب بتفاصيلها المرة.
أولى التساؤلات: أين كنا من حكم ذلك النظام الظالم!
وأين كنا من هذا الواقع المفجع بحقيقته، وكيف وصلنا إلى هنا..! وأين نحن الآن..!؟
هل صحيح أننا كنا على رضا من المعيشة التي وصلنا إليها من جوع وفقر وظلم واستياء!
هل كنا على قناعة أن هذا المستوى من المعيشة هو ما يستحقه الشعب السوري الذي لم يعرف الذل والإهانة إلا في عهد النظام البائد..!
هل كنا راضين عن الفساد الذي عشنا ونعيش تداعياته وآثاره وبتنا نصحو وننام على هم كيف نؤمن أدنى متطلبات الحياة بدءاً من رغيف الخبز وليس انتهاء بليتر مازوت حاجة الدفء في وطن كل شيء فيه بات في أدنى مستوياته.
هل كنا راضين عن تصرفات ما يسمون بـ(الشبيحة)، وغيرهم ممن أساؤوا للسلم الأهلي وللحياة الآمنة.!
هل كنا مستفيدين من النظام السابق ولنا الاستثناءات والعلاوات! وهل كنا محسوبين على النظام وأتباعه ومسؤوليه!
من نحن أصلاً..؟!
نحن الشعب السوري الذي كان وما زال يصبو إلى العيش بسلام واطمئنان مع كل مكوناته الدينية والاجتماعية، هذا الشعب بأطيافه جميعها يسعى إلى الحياة الكريمة في وطن آمن بعيداً عن القتل والدمار والخراب ورفض الآخر وتكفيره ونبذه وإقصائه.
لم يكن لهذا الشعب النبيل إلا أن يتمسك بهويته الوطنية وبحبه للبلد الذي ينتمي إليه رغم صعوبة ما حدث وما كان يحدث، ومع ذلك كان الخاسر الأول والأخير ولحق به ما لحق من ضرر وأذى في كافة مفاصل حياته.
وأعود لمصطلح (التكويع)، والذي يمكن أن نستبدله بمصطلح آخر له دلالته الإيجابية بمعان أبعد وأشمل.
لماذا لا نقول إن فلاناً يجنح إلى رسائل السلام والأمان التي أعلنت عنها الإدارة الجديدة لسوريا الحرة وكله أمل في أن يصبح ذلك أثراً واقعاً ويعم السلام حياة الجميع!
ولماذا لا نقول إننا نحن الأغلبية لم يكن لنا ناقة ولا جمل من حصة النظام الهارب، وليس لنا مصلحة اليوم مع القيادة الجديدة للبلاد إلا أن تكون إيجابية ولها الدور الفاعل والمنفعل مع كل ما يجري على الأرض حقناً للدماء التي عشنا نزيفها سنوات ودرءاً لخسارات في الحجر والبشر..!
دعونا نوقف كيل الاتهامات وإطلاق المصطلحات الجائرة بحق البعض.. دعونا ندعو إلى صفحة جديدة فيها العفو والصفح عما مضى نراهن فيها على أن هذا البلد للجميع من دون استثناء تجمعهم سوريتهم ووطنيتهم.
#صحيفة- الثورة