الثورة – عمار النعمة:
في قمم الشعر العالمي تتميز تجارب شعرية في الشرق والغرب، فإذا كان لنا أن نتحدث عن أراغون في فرنسا، وما تركه من إبداع، ولاسيما في ديوانه مجنون إلسا.. ونتحدث في الهندي طاغور وإبداعه النوراني.. فإننا أمام قامة شعرية من روسيا أو الاتحاد السوفييتي قديماً هو رسول حمزاتوف، يليه أو ينافسه على المكانة نفسها في الإبداع جنكيز ايتماتوف الذي أصدر
عنه الدكتور أيمن أبو الشعر كتابه بعنوان (مع الكاتب العالمي جنكيز أيتماتوف) عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق.
تنوعت فصول الكتاب وجسورها الفنية والمعرفية إلى غاياتها تنويعاً ضرورياً لتقديمها إطاراً لائقاً بصورة جينكيز أيتماتوف، أديب بلاد “قرغيزيستان” الصغيرة بعدد سكانها، الشامخة بهممهم وجبالها، هو الذي غدا في وقت ومرحلة قياسيين واستثنائيين أديباً عالمياً أصيلاً في تعبيره، الُمضمر في فنه الأدبي، والصريح في حواراته وصداقاته ويوميات حياته، تعبيراً جديراً باهتمام الدارسين والباحثين المهتمين بالوحدة العضوية بين ثلاثية الآداب والفنون الأصيلة: الثقافي، والوجداني والاجتماعي” أولئك الذين اجتهد الدكتور أيمن أبو الشعر طويلاً ليكون واحداً منهم.
خطَّ مقدِّمة الكتاب الدكتور راتب سكر قائلاً: خمسة وأربعون عاماً هو زمن طويل مر على إقامة الشاعر الدكتور أيمن أبو الشعر في موسكو، اتسمت سنواته العامرة بحيوية الأُلفةِ والآُلاف، بدأبه الثقافي المتواصل على تعميق صلاته الشخصية والمعرفية بكتّاب ومثقفين من هُويات لغوية وقومية مختلفة جمعته بهم سبل متنوعة من أبرزها: طبيعة الحياة الثقافية في معهد الاستشراق الذي حاز فيه شهادة الدكتوراه تعززها نزعاته الفكرية والنفسية الشخصية الإنسانية الأصيلة في نفسه.
ولفت إلى أنَّ موضوعات الكتاب تنوَّعت مع الكاتب العالمي جنكيز أيتماتوف، والأساليب الأدبية والفنية في كتابتها، بين (النقد الانطباعي، أدب السيرة والمذكرات، الحوار، المقابلة، الترجمة) تنوّعاً فرض حضوراً ملحوظاً لإفادته من مناهج عدة، وخاصةً التوصيفي، التحليلي، التركيبي، النفسي، الاجتماعي، فكانت منفتحة على علم (الأدب المقارن)، فرضتها صلات موضوعات الكتاب بمنحى أدبي ثري متنوع، ترجم في زمن قياسي إلى عدد كبير من لغات المعمورة، للأديب ابن جمهورية قرغيزستان، عندما لم يكن عدد سكانها يتجاوز خمسة ملايين نسمة.
إن مواقف أيتماتوف من القضايا الإنسانية الكبرى يُضمرها فنه السردي غالباً إضماراً مُتقناً في صناديق اهتمامه الفني بالشخصيات القروية البسيطة في بيئات بلاده الصغيرة “قرغيزيستان”، لكنه يُعلنها سافرة في حواراته المباشرة حول قضايا الفن والمجتمع والحياة إعلاناً يمنح حوارات الدكتور أبو الشعر معه دور الإسهام في تشكيل فصول هذا الكتاب توقاً إلى تقديم صورة لأديب من طراز أيتماتوف.
ترجم الكاتب قصتين من قصص جنكيز أيتماتوف، فهما قصتان طويلتان ثريتان بدلالات على ارتباطهما الجوهري بالبيئة القروية القرقيزية الفلاحية البسيطة شأنها في ذلك شأن معظم أعماله.
لقد فعل الدكتور أبو الشعر حسناً بترجمته قصتين من قصص جنكيز وبكتابته توطئة لكل منهما، فمهما قصتان طويلتان يتجاوز عدد الكلمات في كل منهما خمسة آلاف كلمة، ويصل عدد كلماتهما مجتمعتين إلى نحو أحد عشر ألف كلمة، وهما ثريتا الدلالات على ارتباطهما الجوهري بالبيئة القروية القرغيزية الفلاحية البسيطة، شانهما في ذلك شأن معظم أعمال ايتماتوف السردية ولاسيما روايته “جميلة” وقد أشار الدكتور أبو الشعر في التوطئة التي كتبها لقصه التفاح الحمراء إلى هذا الجانب المهم في أدب ايتماتوف بقوله: فمعظم أبطاله بما في ذلك الأبطال في تناول موضوعة الحب هم من القرويين وعمال التعاونيات.