الثورة – رفاه الدروبي:
كما أنَّ للقلم أثراً يخطُّها بالكلمات كذلك ريشة التشكيلي عادت بقوة لتثبت وجودها وتظهر جمالاً بمفرداتها وتشكيلاتها جسَّدها ٢٧ عملاً فنياً، قدَّمها خمسة نحاتين وثمانية رسامين دون أن تثنيهم فترة سبات شهرين عن التوقُّف؛ بل أنجزوا فناً راقياً بألوان “الزيتي، الإكريليك، الغواش” بأحجام وتقنيات مختلفة، تناولت في مضمونها دمشق القديمة بأزقتها وحاراتها ودروبها العتيقة، كي تشعرنا بالحنين وبشيء يعتمل في النفس تأخذ المتلقي إلى عوالم جميلة بكلِّ ما فيها عرضوها في صالة زوايا.
الدكتور سمير رحمة رأى في لوحتي التشكيلي محمد المفتي مشهداً واقعياً نعرفه ويشبهنا.. نعيشه ونراه في ذكريات خُطَّت على الجدران، تعكس الحالة الطبيعية للحي، تلامس المشاعر والأحاسيس باعتبارها جزءاً من حياتنا، كما لجأ المفتي في طرحه التشكيلي إلى توزيع اللون على مساحة اللوحة، والنوافذ والأبواب والعناصر الأخرى ذات القيمة التشكيلية.
ولفت إلى أنَّ اللوحة الثانية تجسد مشهد الدمار؛ لكن طرحه المقدَّم غير واقعي باعتباره أنجز تشكيلاً فنياً في الحالة فأعطى جمالية اللوحة شفافية تترك أثراً في النفس كدمار البيوت، ما خفَّف من وقعها على النفس، مستخدماً اللون الأزرق الممزوج مع الأبيض ليُشكَّل تناغماً بينهما.
وأشارت التشكيلية لوسي الدارس إلى جمالية اللوحة الفنية رغم أنَّها تحمل رمادية الألوان، وتعكس الأسى والسواد؛ إلا أنها جسَّدت بيئة واقعية في اللوحة لتعيدنا إلى أيام زمان بحلاوتها، وخصَّت فترة خمسينات وستينات القرن الماضي أيام الأبيض والأسود لما تحمل من مشاعر دافئة وحميمة.
أمَّا النحاتة سراب الصفدي فشاركت بعملين أنجزتهما بتقنيات مختلفة، وقياس واحد، ترمز بهما إلى المرأة وعلاقاتها وكيفية تحقيق التوازن في البيت والعمل، دالةً على شيء من الروح لأنَّ بعض النساء فقدن من روحهن أشخاصاً لهن أثر لا يستهان به، ولم تنسَ وضع أصيص من النبات الأخضر في زاوية اللوحة كدليل على الأمان، إضافة إلى الرجل ودوره في حياتها.
كما قدَّمت النحاتة يمنى برهوم منحوتتين: الأولى من الرخام، عنوانها: “السقوط” تُعبِّر من خلالها عن مرحلة ما نشعر بها وكأنَّها أحلام متلاشية؛ لكن الظروف تسحب الشخص للأسفل، منوِّهةً بأنَّ المنحوتة الثانية أنجزتها من معدن البرونز، حيث أطلقت عليها اسم “الشراع”، عاكسةً حياة السوريين، وتنقلاتهم من مكان إلى آخر نتيجة السفر والتهجير، فكانت الأرواح تتنقل بين الماضي والحاضر والأزمنة، مركزةً على معاناة الشعب السوري من خلال منحوتة “الشراع” المُعبِّرة عن جسد أنثى تتلاشى فتصبح شراعاً.
التشكيلي معتز العمري ذكر بأنَّ المعرض افتتح بعد تحرير سورية من الظلم والطغيان ليُؤلِّف بين كوكبة من الفنانين حملوا ريشتهم كي يُعبِّروا عن مكنوناتهم تجاه بلدهم الأم، مستخدمين ألوانا مُتعدَّدة.
بدوره التشكيلي محمد الركوعي اعتبر المعرض ذا مستوى عالٍ من حيث الأداء الظاهر في الشكل والمضمون، إذ شارك فيه تشكيليون بأعمالهم الفنية.
أمين سر نقابة الفنانين التشكيليين غسان غانم أكَّد أنَّ افتتاح المعرض يضمُّ مجموعة من التشكيليين يأتي في مرحلة مهمَّة من تاريخ سوريا الحديثة، حيث قدَّموا أعمالاً بطريقة تعبيرية أو رمزية، وخصَّ بالذكر دمشق والحياة اليومية فيها، إذ كانوا يعيشونها، معتبراً إياها تُكوِّن علاقة بروح التجدد والأمل، ويطمح له أي سوري يعيش ويأمل بحياة هنيئة له ولعائلته؛ بعد أن خرج الشعب من الاضطهاد والظلم ووصل إلى مرحلة النور، فتجسَّد أملا لمستقبل جديد باستخدام تقنيات خاصة بهم.
#صحيفة_الثورة