الثورة – مريم إبراهيم:
للمرأة المعتقلة خصوصية مختلفة تماماً عن الرجل في المعتقل، إذ تعيش مخاوف كثيرة تتعلق بخصوصيات شخصية بحتة وحالات نفسية معينة تحدد هذه الخصوصية بشكل عام.
شاهد حي
نور حذيفة- صحفية سورية، معتقلة سابقة في فروع كفرسوسة الأمنية، وهي شاهدة على كثير من القصص في المعتقل، وحالات التعذيب التي تمارس فيها، وما تقوم به هذه الفروع من انتهاكات، لدرجة أنهم أثناء التحقيق معها ساوموا أخوتها عليها.
نور اعتقلت في سن السابعة عشرة من دون تهمة تستحق هذا العذاب، فقط لأنها دافعت عن أخوتها الثوار بشير ورشاد، وقاومت لتحول دون اعتقالهم، لكنها رغم صغر سنها قاومت وضربت معتقليها، ودخلت وأخوتها كثيراً من الفروع الأمنية متنقلين من دمشق إلى بانياس، ثم طرطوس ثم حمص والعودة إلى فرع أمني في كفرسوسة مع مجموعة معتقلين آخرين.
– تفاصيل وحكايا
وفي رحلة التحقيق والاعتقال هذه تفاصيل كثيرة تسردها نور، التي مكثت فيه ٢٨ يوماً، لتؤكد حجم الألم والتعذيب والقسوة التي تمت ممارستها على المعتقلين رجال ونساء، وفي سجون ومنفردات تفتقد لمقومات الحياة البشرية والإنسانية، وتعيش فيها الفئران والحشرات، وتعج بالروائح الكريهة، وليشكل ذلك صدمة كبيرة لها، وهي المدللة بين أفراد أسرتها، ولتليها صدمات أخرى متتالية باستشهاد أخوتها داخل السجن بفترات متقاربة، بعد أن ألمَّ بهما المرض جراء الألم والتعذيب والحالة النفسية.
ورغم كل الألم الذي عاشته تروي نور، لم تقنط من رحمة الله، وتعاملت بذكاء مع سجانيها عندما أصرت على أن تنادي السجان عمو لتكسب عطفه، وهي تعيش في هذه الحالة المأساوية وفي متاهة سجن كبيرة، لتخرج من فكرة متهمة إلى طفلة، كما أنها لجأت إلى إخفاء جهاز الموبايل في حفرة في حمام المهجع، ولم يتمكنوا من العثور عليه، حتى أنها تتمنى العودة لسوريا حالياً لتعثر عليه مجدداً، كما أنها أخفت تهمتها عن السجناء خوفاً منهم.
– رصد الذاكرة:
وفي رحلة الشقاء والعذاب ترصد ذاكرة نور مشاهد كثيرة لحالات نساء معتقلات في السجون، ومنها دكتورة الفيزياء فاتن رجب، وهي التي تعرضت للتعذيب والألم والتي يطلق عليها امرأة بألف رجل، وكانت اليد الحانية عليها، وهناك أيضاً سيدة اعتقلت مع زوجها وهي حامل، وضربت حتى قتل الجنين، وسيدة أخرى تعرضت للاغتصاب وحملت داخل المعتقل، وعذبت حتى أجهضت، وسيدة سجينة منذ ١٧ عاماً، كان تعذب كثيراً على مرآى السجناء بكهربتها لتصيبها نوبات الصرع والحزن.
– المرأة البطلة:
وتبقى المرأة المعتقلة هي بحق البطلة في عيون أسرتها وأبناء بلدتها، كما هو حال نور التي تفتخر بأصدقائها وبلدتها وعائلتها الواعية التي احتضنتها فور خروجها من السجن، رغم كل الشائعات التي روجت عليها خلال اعتقالها من قبل معتقليها، ذلك نتاج حملة كان يعمل عليها من أجهزة النظام لتشويه صورة النساء المعتقلات داخل السجون وانتهاك خصوصيتهن بأساليب شتى.