الثورة – أيدا المولي:
عبر الانترنت أجريت مقابلة مع إحدى الكاتبات السوريات والقاطنة في تركيا، والتي لفتني في كتاباتها الأسلوب والأفكار المستوحاة من فكر الفلاسفة وقد قدمت نفسها قائلةً:
أنا فاطمة سليمان محمد، كاتبة شغوفة بالبحث في أعماق النفس البشرية والتجارب الإنسانية, أؤمن أن الفلسفة ليست مجرد أفكار، بل هي طريقة حياة تساعدنا على التفاعل مع الواقع بكل وعي وحكمة, من خلال كتبي وأعمالي أسعى إلى فتح الأفق أمام القراء لاستكشاف أنفسهم وتفهم العالم من حولهم بشكل أعمق, أحب أن أكتب بأسلوب ملغوم يحمل في طياته أفكاراً قد تكون أكثر وضوحاً للقلب العاقل، وأؤمن أن كل كلمة تحمل رسالة قد تكون الطريق إلى التحول الداخلي.
الكاتبة فاطمة من قرية الشيخ هلال وتقع في عمق البادية الشرقية، ومن يزر تلك القرية لن ينسى نسائمها النقية ولا قبابها الطينية ولا أهلها الطيبن، فماذا تعني لها.
المنبت ليس بقعة على الخارطة
قرية الشيخ هلال.. مرآة الروح وذاكرة الأرض حين يسألني أحدهم، ماذا تعني لك قرية الشيخ هلال؟ أشعر أن السؤال ذاته يحمل إيقاعاً يشبه نبض القلب حين يلتقي صدى الأرض بأصداء الروح, هي ليست مجرد بقعة على الخارطة، بل نقشٌ في الذاكرة، صدى الأصالة حين يلامس الحاضر، وجذور تمتد عميقًا في نسيج الروح، حيث لا ينفصل المكان عن الإنسان, في كل زاوية منها ثمة قصة لم تُروَ بعد، كأن الأرض هناك تتحدث بلغةٍ لا يفهمها إلا من أنصت لصوت الصحراء في هدأة الليل، حيث تسافر الأرواح بين الحنين والمعرفة، بين الماضي الذي يسكننا والمستقبل الذي يحاول أن يفهمنا.
الهجرة إلى تركيا
هل كانت الهجرة قسرية إلى تركيا؟
لم أهاجر قسراً، لكن بعض الطرق تختارنا قبل أن نختارها، والحنين ليس وجع الغربة بل صدى الجذور التي تسكن الروح أينما حلّت.
تعلقك بوالدك ليس غريباً بفعل تعلق البنت بأبيها لكنك منحت صفحتك على وسائل التواصل اسمه وليس اسمك سليمان ما هي أكثر الأشياء المحفورة في ذاكرتك؟
التعلق بوالدي ليس مجرد ارتباط عاطفي، بل هو مزيج من القوة والحنان الذي غرسه فيّ منذ طفولتي, أكثر ما بقي محفوراً في ذاكرتي هو صوته الذي كان يشع أماناً، ويداه اللتان لطالما كانتا مأوى لي في أصعب الأوقات.
البدايات الأدبية
بداياتي الأدبية كانت بمثابة رحلة لاكتشاف الأفكار والبحث عن معاني الحياة العميقة, بدأت الكتابة لتكون وسيلتي لفهم العالم من حولي وللتعبير عن أحاسيسي وتجارب الحياة, في كتبي مثل “بين العقل والروح” و”شيفرة الذات”، حاولت أن أستعرض تساؤلات الإنسان عن نفسه وعن المحيط، وأن أطرح رؤى قد تكون بمثابة انعكاس لأفكار الجميع.
وأيضاً بينّي وبين الطنطاوي” هو كتاب يتناول تأملات في أفكار هذا المفكر العظيم، ويكشف عن تأثير حكمته في مسارنا الفكري. إن شاء الله، سيرى النور قريباً ليكون إضافة قيمة في عالم الفكر.
أي الانتماءات أقوى لديك؟
انتمائي الأول هو للأرض التي حملتني، وللوطن الذي يعشق الدماء الطاهرة التي سقتها ضفافه, لكن الأعمق هو انتمائي للمبادئ التي أعيش من أجلها، للأمل، للعدالة، وللحرية التي لا تعرف حدوداً.
النتاج الفكري
نتاجي الفكري يحمل طابعاً أدبياً عميقاً، حيث يتداخل الفكر مع الإبداع الأدبي ليشكل رؤية متكاملة تعبر عن جوانب متعددة من الحياة, الأدب بالنسبة لي هو وسيلة لتوصيل الأفكار والتجارب الإنسانية بطرق فنية وملغومة، مما يعزز قيمة الرسالة.
هل يبتعد عن الرواية أو القصة ليعطي بعداً شمولياً أوسع؟
نعم، إنتاجي يبتعد عن الرواية أو القصة التقليدية ليأخذ بعداً شمولياً أوسع، حيث أركز على الأفكار العميقة والرمزية التي تتجاوز الأطر القصصية التقليدية، مما يتيح لي استكشاف موضوعات إنسانية وفلسفية بطرق غير تقليدية
أين تذهبين في هذا العالم المتسارع؟
إن العالم اليوم يعيش في حالة من الاندفاع المستمر، كأنما يحاول الهروب من نفسه، وهذه السرعة جعلت الناس يبتعدون عن الفلسفة التي هي أساس التفكر في الذات والوجود, ولكن الفلسفة ليست مجرد أفكار قديمة، بل هي نداء للتوقف والتفكير، للبحث عن المعنى في كل لحظة، حتى وسط الزحام. أما بالنسبة لي، فأنا أعتقد أن العودة إلى الهدوء الداخلي والتأمل هو الطريق الذي أتبعه في هذا العالم المتسارع, أنا لا أسعى للهرب من هذا الواقع، بل أحاول أن أعيش فيه بوعي وأفكر فيما يهمني بشكل أعمق وأبقى على تواصل مع جوهر نفسي.
ختاماً
كان لقاءً مع كاتبة عاشت في أعماق البادية، وأُسرت بذلك المكان، وانطلقت إلى التأليف والكتابة لتثري جوهر نفسها، وتثرينا بما ستخلفه للمكتبة العربية.
#صحيفة_الثورة