لا يمكن لمجتمع أن يعرف نهضة حقيقية فكرية وثقافية وتطوراً تنموياً من دون الترجمة, فهي الفعل الثقافي والسياسي والاجتماعي الذي لا يمكن لنا أن نعيش من دونه, هذه الحقيقة يدركها الجميع في عصر باتت الترجمة أمرا هاما جداً في حياتنا.
لاشك أن للترجمة دوراً محورياً في تعزيز التواصل بين الثقافة والشعوب، إذ تتخطى الحواجز اللغوية والثقافية وتساعدنا على تبادل الأفكار والمعارف، كما تؤدي الترجمة اليوم دوراً فعالاً في الحفاظ غلى هويتنا، فهي تبني جسوراً من التواصل الفكري والثقافي والحضاري, وحين نتحدث عن الترجمة لابد من أن نتذكر شروحات ابن رشد على ترجماته كتب أرسطو ودورها في النهضة الأوروبية, ونتذكر كيف لعبت الترجمة دوراً في يقظة العرب ونهضتهم.
وبالمقابل فإن الترجمة ليست سهلة حتى لو بدت هكذا ظاهرياً, بل إنها مسألة معقدة وتتطلب من المترجم إتقان إيجاد الحلول للمشكلات التي تعترضه أثناء الترجمة كاختلاف اللغتين المنقول منها وإليها فلكل خصوصيتها.
الترجمة عمل حضاري وإذا أردنا التعمق في الترجمة, فإنه يعني معرفة الذات والآخر والتواصل وخلق التفاعل الثقافي والحضاري معه, الأمر الذي يصب في مصلحة الارتقاء بالحضارة الإنسانية عموماً وفي إنضاج ثقافات الأمم.
نحتاج اليوم في ظل الانفتاح على العالم الآخر ترجمات من نوع آخر نطمح إليها لتكون مصدر إلهام وإبداع وتثقيف للأجيال القادمة, فالمترجم السوري قادر على ترك بصمته أينما حل، والمكتبات العالمية تشهد ذلك, ولهذا كله نقول إن عطاء المترجم لم يتوقف إذا فتحت له أبواب جديدة.