الثورة – رنا بدري سلوم:
قد تتعتّق القصائد في خوابي الرّوح، تنتظر الوقت ليحين، تدلي من طيّبات الكلام أجملها، منها كدم قانٍ ومنها كدمع جارٍ وفي كلا الحالين، يعود فعل كان وكنّا.. هي حصيلة عمر يذيل ريف العين عند شعراء طلقاء الفكر والصوت ما برحوا كرّاساتهم ليال الظلم، خرجوا اليوم على منابر اتحاد الكتاب العرب في جمعيّة الشعر بدمشق، قدِموا اليوم من شرق سوريا وشمالها يُسمعون غربها وجنوبها يتبادلون قصائد يكسرون فيها الأغلال التي طوّقت يراعهم آنذاك، عشرة شعراء يطلقون ملء حناجرهم صوت النصر والحريّة القابعة كطفل ينمو في أمات أفكارهم المتعبة حدّ الألم.أدار عضو المكتب التنفيذي الشّاعر توفيق أحمد مهرجان “سوريا الحرية وميلاد الأمل” بأسلوبه الشاعري معبراً عن توق الشّاعر إلى الحريّة والانعتاق والرغبة في البناء والغناء، وفي تصريحه للثورة بيّن أن مشاركة الشعراء هي لحظات تاريخيّة فارقة في بناء بلد يحتاج إلى مفكّريه وشعرائه ولتجرف السواقي ذاك الماضي الأحمق، ولتصمّ الآذان التي لا تسمع أغاني الحريّة.
فكانت البداية من المعتقلات المظلمة، وصور الأحرار الذين بقوا عالقين في مخيلة ابنة حماة الشاعرة مروة حلاوة فقدّمت نصّها الشعري لفريد المذهان الضابط الذي سرّب صور الضحايا في المعتقلات حقبة النظام البائد إبان الثورة السورية.بعدها سطر الدكتور أسامة الحمود من مياه الفرات عنفوان القصيدة الملاصقة للكرامة التي اعتبرها آية نزلت فسرّت في السما جبريلا.
وبعدها أخرج الشّاعر أمير سماوي دفتره إلى النور منذ عام ٢٠١٢ ليطلق أبيات شعره بقصيدة يتقمّص فيها شخصيّة طاغٍ يسكر من دماء شعب صنعه كصنمٍ ثم عبدوه واليوم كسروه.
لم تكن القصائد حبيسة الوطن، فلا جوازات سفر تمنعها، هاهي أبيات الشاعر المحامي رفعت بدران التي كتبها عام ٢٠١٤ ونشرها خارجاً باسم مستعار آنذاك حين كانت عين الكلام في رمد..يقولها اليوم ملء القلب والعين.
بهدوء الثائرة وصفت الشاعرة نور موصللي بقصيدتها مأساة الإنسان ووجدانه المفقود وسيطرة الطغاة واصفة حظيرتهم ليبقى الأحرار كأسراب الحمائم يتأمّلون وطناً يأويهم.
يستذكر الشاعر والمعلم زهير هدلة ابن الغوطة الغربية داريا صور تلاميذه الشّهداء في قصيدته فيصف الدمع والدّم وكأنها قصيدة الجرح العصيّ، وما أصعب استرسال القلوب المتعبة.
بينما صعد الشّاعر سليمان السليمان إلى المنبر ليتكلّم باسم منبت الثوار في درعا، بقصيدة يؤكد فيها أننا أبناء الأرض الباقون وهم إلى اندحار لامناص.
بدوره استحضر الشّاعر عبد القادر الأسود القادم من محافظة إدلب قصيدة طويلة ملكوت القلم والشعر بصور رمزيّة تحكي الحق والظلم والحريّة.
في حين أكد الدكتور محمد سعيد العتيق في منمنماته الشعريّة أن قلق العيش لا ينتهي، فوصف الجياع في وطن كان منكوباّ كان يدعى وطناً.
ختم المهرجان الشّاعر إبراهيم منصور بقصيدة كتبها عام ٢٠٢٠، يصف برمزيّة الشعر كيف نجا الأحرار من الموت، و كيف كانت تكسّر العظام وتراق الأحلام، وكيف أن الشعر يلزمه العقل ليتدبّر ويفكر بصوت الحريّة الذي لابد أن يملأ الفضاءات مهما كان حبيس الظلام.
وفي تصريحها للثورة بينت أمينة سر جمعية الشعر الشاعرة طُهران صارم والتي أشرفت على المهرجان أنه الأول بعد تحرير سوريا وأن لعنوانه بعداً واضحاً في التأكيد على أنّ الشّعر يبقى حاضراً في بناء سوريا الجديدة وهي دعوة لكل الشعراء الذين استبعدوا بسبب موقفهم السياسيّ وإبداء الرأي لتضميد الجراح والبدء من جديد نحو الأمل والحرية الفكرية المسؤولة.
# صحيفة- الثورة

التالي