الثورة – جاك وهبه:
تُمثل العقوبات الغربية المفروضة على القطاع المصرفي السوري أحد أبرز العوائق التي تحول دون تدفق الاستثمارات إلى البلاد، فهذه العقوبات لا تقتصر على تجميد الأصول أو منع المعاملات المالية المباشرة مع المؤسسات المصرفية السورية، بل تمتد إلى تقييد التعاملات مع الشركات والأفراد الذين قد يكون لهم أي صلة بالسوق السورية، مما يزيد من تعقيد المشهد الاستثماري.
الحاجز الأكبر
ورغم وجود رغبة لدى مستثمرين محليين وأجانب لدخول الأسواق السورية، إلا أن العقوبات المصرفية تظل الحاجز الأكبر أمام تمويل المشاريع، ما يؤدي إلى تفويت فرص اقتصادية مهمة في مجالات حيوية مثل الصحة والطاقة المتجددة والعقارات، فالكثير من المستثمرين الذين يرغبون في الدخول إلى السوق السورية يواجهون تحديات تتعلق بتحويل الأموال، وإجراء المعاملات المالية، وضمان استمرارية مشاريعهم دون المخاطرة بالتعرض لعقوبات ثانوية قد تؤثر على أعمالهم في الأسواق الأخرى.
بيئة مستقرة
العقوبات لا تؤثر فقط على الحكومة السورية، بل تمتد آثارها إلى القطاع الخاص والمواطنين، حيث تفرض قيوداً على وصول رؤوس الأموال وتعزز الاعتماد على شبكات التحويل غير الرسمية، مما يضعف الشفافية ويزيد المخاطر المالية والاقتصادية، فالاستثمار يحتاج إلى بيئة مالية مستقرة، ويستطيع المستثمرون تحويل أموالهم بحرية وضمان حقوقهم القانونية، وهو ما لا يتوفر في ظل هذه العقوبات، التي تزيد أيضا من تكلفة المعاملات وتقلل من قدرة الشركات المحلية على الوصول إلى التمويل الدولي.
مناخ الأعمال
في المقابل، لا يمكن إلقاء اللوم بالكامل على العقوبات دون النظر إلى العوامل الداخلية التي تعيق الاستثمار، مثل الحاجة إلى تحسين مناخ الأعمال، وتطوير البنية التحتية، وتقديم حوافز استثمارية تنافسية، فالاقتصاد السوري، حتى قبل فرض العقوبات، كان يعاني من تحديات مثل البيروقراطية المعقدة، والفساد، وعدم وضوح السياسات الاقتصادية، مما جعل جذب الاستثمار الأجنبي أمرا صعبا، لذلك، فإن معالجة هذه القضايا الداخلية يمكن أن تسهم في تحسين بيئة الأعمال وتخفيف بعض الآثار السلبية للعقوبات.
حلول بديلة
في ظل هذه التحديات، يمكن البحث عن حلول بديلة، مثل تعزيز التعاون المالي مع الدول الصديقة التي لا تخضع للضغوط الغربية، أو اعتماد آليات تمويل مبتكرة تتيح تدفق الأموال بطرق أكثر مرونة، ويمكن أيضا الاستفادة من التطورات التكنولوجية في القطاع المالي، مثل العملات الرقمية وتقنيات الدفع الإلكتروني، التي قد تساعد في الالتفاف على بعض القيود المفروضة على التحويلات المالية التقليدية.
غير جذاب
يبقى رفع العقوبات شرطاً أساسياً لتنشيط الاقتصاد السوري، لكنه ليس الحل الوحيد، فالإصلاحات الاقتصادية العميقة، وتحسين البيئة الاستثمارية، وتوفير ضمانات قانونية للمستثمرين يمكن أن تساعد في تقليل الأثر السلبي للعقوبات، وجذب المستثمرين رغم التحديات، ومن دون هذه الإصلاحات، حتى لو تم تخفيف العقوبات، سيظل الاستثمار في سوريا محفوفاً بالمخاطر وغير جذاب في ظل غياب بيئة اقتصادية مستقرة ومحفزة.