الثورة – ناصر منذر:
وسط مساعي حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإعادة رسم مشهد ميداني وسياسي جديد يتناغم مع أجنداتها التوسعية في سوريا والمنطقة، ورسم ملامح مرحلة جديدة، تشرعن من خلالها احتلالها للجولان، جاءت تصريحات نتنياهو بشأن الجنوب، ومزاعمه حول حماية طائفة المسلمين الموحدين الدروز في السويداء، لتصب في إطار خلق الفتنة الطائفية بين مكونات الشعب السوري، وإعطاء صورة واهمة بأن أهلنا في السويداء بحاجة لنوع من الحماية في ظل القيادة السورية الجديدة، وأن ثمة أخطار تتهددهم، وقد أعطى نتنياهو لنفسه حق الوصاية على أهالي السويداء، وهو يدرك تماما أنه أمر مرفوض، لا يمكن لأي إنسان وطني حر وشريف أن يقبل به، سواء في السويداء، أو في أي منطقة جغرافية على امتداد سوريا.
أهالي السويداء، لم ينتظروا كثيرا للرد على نتنياهو، وعلى تصريحاته العدوانية السافرة، فخرجوا بشكل عفوي ليعبروا عن احتجاجهم ورفضهم لأي نوع من التدخل الخارجي، ومن أي جهة كانت، لأنهم كانوا وما زالوا مكونا أساسيا من نسيج الشعب السوري الموحد، وهم منذ الأزل يرفضون بشكل مطلق أي شكل من أشكال التقسيم، أو الانفصال، عن وطنهم الأم، وإضافة إلى الوقفات الاحتجاجية التي شهدتها ساحة الكرامة في السويداء اليوم، فقد أعلن قائد “تجمّع أحرار جبل العرب” في السويداء الشيخ سليمان عبد الباقي رفضه القاطع لتدخل أي جهة خارجية بالشأن السوري الداخلي. وذلك في رد مباشر على تصريحات نتنياهو>
وقال عبد الباقي في تصريح مقتضب “نحن سوريون وهويتنا سورية، نريد بناء الوطن والعيش بسلام، ومطالبنا كالسوريين جميعا هي البناء والسلام”. مضيفا: أبناء سوريا قادرون على تقرير مصيرهم دون تدخل خارجي.
نتنياهو أراد من وراء تصريحه المستفز، أن يزرع بذور الشك والفتنة بين أهالي السويداء، والقيادة السورية الجديدة، وتغافل عن عمد بأن أهالي السويداء كانوا سندا لقوى الثورة بقيادة هيئة تحرير الشام، ضد النظام المخلوع، وشاركوا في صنع التحرير والنصر، وتجاهل أيضا مسارعة الرئيس أحمد الشرع للقاء وفد من أهالي السويداء في السابع عشر من كانون الأول الماضي، أي بعد أيام على التحرير، وأن اللقاء سادته أجواء المحبة والتفاؤل بمستقبل واعد في ظل القيادة الجديدة، وأكد حينها الشرع لأعضاء الوفد على أهمية حضور عقلية الدولة بدلاً من عقلية المعارضة، وضرورة بقاء سوريا موحدة، ووجود عقد اجتماعي بين الدولة وجميع الطوائف لضمان العدالة الاجتماعية.
يغيب عن بال نتنياهو أيضا، بأن أهالي السويداء، كغيرهم من أبناء سوريا الأحرار، لهم تاريخهم النضالي العريق ضد الغزاة والمحتلين، ولو أرادوا الانفصال عن وطنهم الأم، لفعلوا منذ أيام الثورة السورية الكبرى التي قادها المجاهد البطل سلطان باشا الأطرش ضد المحتل الفرنسي، وحينها كان يتلقى العروض والمغريات من قبل الدول الاستعمارية، وفي مقدمتهم فرنسا، ولكنه أبى ذلك، والكل ما زال يتذكر البيان الذي أصدره تحت عنوان ” إلى السلاح إلى السلاح”، والذي قال فيه: « يا أحفاد العرب الأمجاد.. هذا يوم ينفع المجاهدين جهادهم، والعاملين في سبيل الحرية والاستقلال عملهم. هذا يوم انتباه الأمم والشعوب، فلننهض من رقادنا، ولنبدد ظلام التحكم الأجنبي عن سماء بلادنا. لقد مضى علينا عشرات السنين ونحن نجاهد في سبيل الحرية والاستقلال. فلنستأنف جهادنا المشروع بالسيف بعد أن سكت القلم، ولا يضيع حق وراءه مطالب »..
« أيها السوريون.. لقد أثبتت التجارب أن الحق يؤخذ ولا يعطى، فلنأخذ حقنا بحد السيف، ولنطلب الموت توهب لنا الحياة ».
واليوم فإن أحفاد الأطرش في جبل العرب الأشم، لا يمكن أن يحيدوا عن خطهم الوطني، أسوة ببقية أبناء الشعب السوري قاطبة، ولعل في أحد التعليقات التي كتبها أهالي السويداء على مواقع التواصل الاجتماعي، ردا على تصريحات نتنياهو، تختزل مشهد تمسكهم بتراب وطنهم، ورفضهم أي نوع من الوصاية، لأنهم جزء من المجتمع السوري المتعاضد، وهذا نصه:
رد من حبايبنا في السويداء الغالية:
قالها فارس الخوري على منبر الجامع الأموي “إذا كانت فرنسا تدعي أنها احتلت سوريا لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي أطلب الحماية من شعبي السوري، وأنا كمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله”.
ونحن نقولها اليوم للكيان الصهيوني: إن كنتم تتذرعون بحمايتنا كدروز فكلنا سوريون وكلنا فارس الخوري.
#صحيفة_الثورة