أوروبا وتركيا.. لعبة التكاذب المكشوفة

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم :
لم تكتفِ حادثة شارلي ايبدو بافتتاح موسم تدحرج كرة الإرهاب، بل تدحرجت معها كرة العلاقة بين الشركاء الداعمين والراعين والمحتضنين إلى موضع لم يكن أحد منهم يتمنى الوصول إليه، خصوصاً أنها تدحرجت أمام الملأ وانكشفت خلفها الأسـرار

وما خبأته بيوت السياسة ومحاضر الأقبية وغرف الاستخبارات المغلقة في المنطقة وخارجها، لتطل بوجه الحقيقة العارية التي بدت فيها أدوارهم أقبح بكثير مما كانوا يتوهمون.‏

وحدها لغة الكذب التركي والنفاق الغربي لم تعدّل من مفرداتها، وظلت تغرف من القاع ذاته، والفارق الوحيد أنها انقلبت في الاتجاه، وبدأت تنبش في الدفاتر المشتركة فأظهرت صفحات من الدجل والعهر السياسي الذي يليق فقط بمنتجيه ومسوّقيه في انحدار يكشف سوية قاتمة تماثل سوية ظلامية الإرهاب الذي أنتجته.‏

ولم تعد الحرب الإعلامية والسياسية بين تركيا والاتحاد الأوروبي عموماً تكتفي بتوجيه أصابع الاتهام بالمسؤولية والتقصير بعدما استفاضت اللغة المستخدمة في الكشف عن خبايا الصفقات المعمول بها، بحكم ما أضافته من معلومات تتجاوز الحيّز السياسي المعتاد لتصل حدود الاعتراف بالتورط، الذي يحاول استنطاق البراءة من داخل جدران التواطؤ المسكوت عنه بين أنقرة والعواصم الغربية الضالعة في دعم الإرهاب، وتسهيل تجنيد المرتزقة لحساب التنظيمات الإرهابية.‏

وفيما كان وزير خارجية أردوغان يرد الاتهام ألقى بسيل من الاعترافات التي توّهم بأنها تصلح بوابة لتبييض صفحة اسودّت في المشهد الأوروبي بعد أن أظلمت في المحيط الإقليمي والدولي على حدٍّ سواء، وإذ به يرمي بحجر ثقيل على العقل الأوروبي الذي استهجن الفعل التركي، بعد أن كان شريكاً، وفي الشراكة لا يمكن أن يمس الاتهام طرفاً دون أن يبتل الآخر بما علق به من تورط مُسند وموثّق في المحاضر المتبادلة بين الجانبين على مدى سنوات خَلَت.‏

عند هذا الحدّ يزداد الفالق السياسي والجغرافي بين الموقفين إلى المستوى الذي يهدد بحدوث الافتراق الكبير حين تميل الطاولة وتكاد أن تنقلب في وجههما سوية، فعندما يصل «موسى» الإرهابي إلى الذقن الأوروبي كان على تركيا أن تبلّ ذقنها مسبقاً، وبدلاً من البلّ يبدو أن أردوغان استبق الأمر بأن أغرق الأوروبيين بسيل من الاتهامات، وهو ما أشعل الحروب الاستباقية المتبادلة والتي تساقطت معها آخر أوراق التوت التي كانت تستر عورات علاقتهم جميعاً مع الإرهاب.‏

لا نعتقد أنه من الصعب إدراك الكذب المتبادل بين الجانبين وحجم اللعبة التي استمرأ الطرفان الرقص على حوافها، في ظلّ مناخ دولي كان عوناً لهما في إخفاء خيوط الارتباط الوثيق والاتفاق الكلّي على مسالك وممرات الإرهاب.. دعماً وتنسيقاً وتمويلاً، وصولاً إلى تنشئة حواضن سياسية وإعلامية ودبلوماسية وحدودية تضمن تدفق الإرهابيين في اتجاه واحد، وهو على الأقل ما يمكن الاستناد إليه في رد وزير خارجية أردوغان على الاتهام الأوروبي، والحال لا يختلف كثيراً فيما يتعلق بالتهمة التركية لأوروبا التي جاءت متأخرة وفي الوقت ما بعد الضائع بكثير.‏

اللافت أن لغة الاتهام تشكل حيّزاً واحداً من المقاربات التي تؤشر إلى عمق المأزق، وباتت لعبة التكاذب المكشوفة مدعاة للجدل البيزنطي بين الجانبين اللذين أقرّا سلفاً بعقم محاولة التبييض رغم ما انطوت عليه من أوراق مخبأة في الأدراج السرية، حيث الشكوى التركية من قصورالتعاون الأوروبي تقابلها العين الأوروبية المحمرّة من تقاعس الأتراك عن ممرات الإرهابيين عبر أراضيهم وصولاً إلى التنظيمات الإرهابية.‏

فالمؤكد أن حياة بومدين لم تأتِ إلى السياحة في سورية وغيرها كثيرون، والحجة التركية لتبريرها جاءت أقبح من الذنب ذاته، والأكثر من ذلك كان لسان حال الأتراك كما هو لسان الأوروبيين يقر بأنهم شركاء في الدفن حتى لو اختلفوا لاحقاً على أحقية المشاركة في الجنازة.‏

وإذا كان المهووس بحلم السلطنة العثمانية قد أمسى على حافة الهاوية وقد تبللت قدماه ورأسه في مستنقع الإرهاب فإن على بقية الشركاء من داعمي الإرهاب وتمويله أن يتحسسوا ما هو أبعد من الذقون والأقدام.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
ليلة النار في طهران ..اسرائيل تفتك بقيادة إيران النووية عمليات استخباراتية متزامنة: الموساد ينفّذ ثلاث ضربات داخل إيران لإرباك الدفاعات وإضعاف الرد إسرائيل تُربك طهران قبل الضربة.. تكتيك خداعي محكم سبق القصف الجوي على إيران طفل يقود سيارة فاخرة في وسط دمشق بلا رقيب..! الضربات الإسرائيلية تستهدف قلب المنظومة العسكرية والنووية الإيرانية ..وهذه أبرزها 1755 طالباً يتنافسون في تصفيات أولمبياد الرياضيات للصغار واليافعين غداً عقود النفط الآجلة ترتفع 11 بالمئة على وقع الضربة الإسرائيلية لإيران تفاعل دولي واسع بعد الغارات الإسرائيلية على إيران.. إدانات وتحذيرات ودعوات للتهدئة تل أبيب تضرب في العمق الإيراني.. "الأسد الصاعد" تفتح أبواب المواجهة الكبرى في الشرق الأوسط خامنئي ينعي قادة وعلماء بعد الغارات الإسرائيلية على إيران: المواجهة مستمرة والرد قادم إسرائيل تشن عملية جوية واسعة داخل إيران: مقتل قادة كبار وتدمير منشآت نووية إسرائيل تضرب إيران بقوة.. اغتيال قادة في الحرس الثوري وعلماء نوويين مشروع أمريكي لإلغاء "قانون قيصر" ورفع شامل للعقوبات عن سوريا عزل 67 قاضياً من محكمة الإرهاب الملغاة.. خطوة لتعزيز العدالة واسترداد الحقوق سوريا: التوغل الإسرائيلي في بيت جن انتهاك واضح للقانون الدولي محافظ درعا يحاور الإعلاميين حول الواقع الخدمي والاحتياجات الضرورية جامعة إدلب تحتفل بتخريج "دفعة التحرير" من كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال وزارة الداخلية تُعلق على اقتحام الاحتلال لبيت جن: انتهاك للسيادة وتصعيد يهدد أمن المنطقة شريان طرطوس الحيوي.. بوابة سوريا الاستراتيجية عثمان لـ"الثورة": المزارع يقبض ثمن القمح وفق فاتورة تسعر بالدولار وتدفع بالليرة