رفاه الدروبي:
يجول “المسحراتي” في الأحياء والشوارع خلال شهر رمضان المبارك قبل أذان الفجر لإيقاظ الناس كي يتناولوا السحور قبل بدء صوم النهار،
المسحراتي سليم الحصري، رغم أنَّ جدَّه كان مسحراتياً في حي الشيخ محي الدين، لكنَّه لم يُفكِّر بالسير حذوه إلا منذ ثماني سنوات عندما وجد بأنَّ المهنة أصبحت في طريقها إلى الاندثار، فرأى ضرورة العودة لإحيائها من جديد، وراح يجول في حيَّي القنوات وباب السريجة “الشريبشات”، حيث لاقى الكثير من التشجيع، يرافقه في بعض الليالي ولده ويتركه في ليالٍ أخرى.ثمان سنوات وهو يجوب طرقات وأزقة ودروب حارات عتيقة، وكان ينتابه شعور الفرح ألقاً وحبوراً عندما يخرج الأطفال لملاقاته ليعطوه السكاكر وقطع الحلوى قبيل صلاة الفجر بساعة، ثم يتهافتون فرحين بقرع طبلته الصغيرة، بينما يتابع سيره بوجهه الضحوك رافعاً صوته بنبرة تميِّزه في النداء، يحمل سليم الحصري في الغالب الطبلة ولا يكتفي بالقرع عليها، بل يسير في طريقه مردداً الأناشيد والأدعية بصوت مميَّز يجذب الناس إليه، لمهنة تُمثِّل روح رمضان وأيامه الجميلة، حيث يُشكِّل جزءاً أصيلاً من تقاليده في سوريا، إضافة إلى مساهمته في إيقاظ الناس لتناول السحور، باعتباره يساعد على خلق الروح الإيجابية في المجتمع وتعزيز الصلة بين الناس ويرفع صوته منادياً: “يا نايم وحِّد الدَّايم يـا غافي وحِّد الله، يا نايم وحِّد مولاك يلي خلقك ما بينساك، قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم”، هو يحمل في ذكرياته قصصاً شتى خلال رحلة الذهاب والإياب، ومع ساعات الفجر الأولى وانبلاج يوم جديد ينسى كلَّ ما رآه، حيث تنتهي رحلته بطقس تراثي جميل يُرسِّخ في مخيِّلته دائماً مهنةً تحمل رائحة الآباء والأجداد، وعبق أيام الروحانيَّة وتلاحم الناس.
#صحيفة_الثورة