لا تمزقوا خريطة الوطن، ولا ترقصوا على شغاف قلبها وأطرافها، فقد تعبت من تهالك الأيام والسنين التي مرت عليها من ظروف حرب ودمار وتهجير وموت وتشريد، فرضت نفسها بلغة القهر والتجبر وطغيان القرار الداخلي والخارجي وانزياحه نحو الهاوية.
هي سوريا التي تجمعنا كحضن الأم الرؤوم، وهذا ليس مصطلحاً دارجاً وشعاراً عابراً، بل هو جوهر الحق والحقيقة لأبنائها، كما حال الجسد الواحد، فلا يكون سليماً حين يعطب أي عضو منه، إذا ما تشوه واحتاج إلى الكثير من العلاجات والجراحات، وبالتالي ليس بالضرورة أن يشفى ويبرأ كما يجب.
ولكي نضمد جراح مجتمعنا وشعبنا وسيادة بلدنا، يتوجب على كل منا أن يبدأ بإصلاح نفسه بعيداً عن العصبية والإقصاء ولغة التخوين، أن نعترف بأخطائنا جميعاً إيجاباً وسلباً، خيراً وشراً، فقد منّ الله علينا بنعمة التنوع وغنى الحضارات والأقوام التي سكنت واستوطنت الديار السورية، حتى تحولت سوريا بإرثها وتاريخها إلى متحف في الهواء الطلق، يهفو إليه من أراد المعرفة من أطراف المعمورة.
ليكن وعينا سلاحنا اليوم أكثر من أي وقت مضى، عنوانه المحبة والتسامح والاستفادة من تجارب الماضي البغيض، وألاّ نحمل الحاضر وزره الثقيل، وننهض ببناء سوريا التي تستحق جهود الأوفياء المخلصين المؤمنين بقيامتها من جديد.