الثورة – رفاه الدروبي:
“صندوق الدنيا” تُعرض فيه الصُّورُ من خلال عدسات زجاجيَّة مُركَّبة في صندوق يتجوَّل به صاحبه في الشوارع والطرقات لتسلية الأطفال، وقد توجَّه الفنان التشكيلي أنور باكير ابن حي الشاغور إلى طرق باب التراث بقوَّة وتغلغل بين ثناياه، وبدأت حكاية تجولاه بالصندوق منذ ما يقارب العقدين من الزمن، مستفيداً من موهبة الرسم فوجد مخزوناً عامراً بالأفكار، ووظَّفها في رسومات صندوق دنياه ليجول ضمن أزقة دمشق وحاراتها، محاولاً نبش مكنوناته ليُقدِّم حكايات قصيرة واقعيَّة اجتماعيَّة بأسلوب فكاهي للأطفال، يجوب الباكير بحكاياته خيم رمضان والمقاهي العتيقة، كي يتهافت الأطفال القادمين برفقة ذويهم للاستماع وللاستمتاع بحكايات صمَّمها بأنامله وفكره الوقَّاد فيقدِّم “خيال الظل” المتمثِّل بشخصيتي كركوز وعيواظ، ولا ينسى الشخصيات الشامية كأمِّ كامل، وأبي رياح، والفنان دريد لحام بملابسه وطربوشه الأحمر وقميصه المُطرَّز ولهجته المُحبَّبة، مُخلِّفاً طرق قبقابه أصواتاً عالية ترسم البسمات على الشفاه.
شكَّل صندوق عجائبه مشروعاً متناهي الصغر استغرق صنعه ثلاثة أشهر أنجزه بيديه من ألواح خشبيَّة قديمة ثبَّتها بمسامير حديدية مزوَّدة بـأربع عدسات مُكبَّرة لجذب الأطفال كي يشاهدوا صوره ورسوماته المُتحرِّكة، ثم عرضها على رول ورقي بطول 20 متراً وثبَّتها على بكرة متَّصلة بمقبض خشبي داخل صندوق عجائبه يُحرِّك صورها المكوّنة لحكايات متكاملة، يتناول مضمونها قصصاً شعبيةً عن الحارات والأزقة الدمشقية وعادات وتقاليد أهلها، إضافة إلى تعزيز حكايات عامرة بالقيم الإنسانية النبيلة، وأخرى خاصة بالأطفال مثل:”ليلى
والذئب، الأميرة النائمة، الدجاجة الذهبية، سندريلا”.
نوَّه الباكير بأنَّه يُبدي حرصه على أن تحمل النهاية التفاؤل ومشاعر الفرح والبهجة كإضاءة أمل شفيف في نفوس الأطفال، وفي نهاية المطاف يسألهم عن العبرة والمغزى من القصة، فيسردها كلٌّ بأسلوبه، ولا ينسى أن يُوزِّع السكاكر والملبَّس المحفوظين في جيب صغير أعدَّه أعلى صندوق عجائبه كمكافأة لهم.