الثورة – فؤاد مسعد
“أنتوا مين؟.. أنا ما عاد عرفتكم” هي صرخة أمَ أطلقتها من حُنجرة مخنوقة مِلؤها الحرقة والألم، متوجهة إلى أبنائها بعد معرفتها بانحراف أصاب طريق حياتهم، وكأنها لم تعرفهم يوماً ولم تربيهم، هي “أم موسى” الدور الذي توهج بدفق ما منحته إياه الفنانة فيلدا سمور من إحساس عالٍ في مسلسل “تحت سابع أرض” إخراج سامر البرقاوي.
فورة غضبها في الحلقة 11 بعد اكتشافها تورّط أولادها بأعمال مشبوهة، تلخّص سنوات من العذاب والقهر، مجسدة خيبة الأمل باللطم على رأسها وصرخة لم تعد قادرة على كتمها، فهي “حاسة وساكتة” ولكنها تريد لمركب العائلة أن يسير بأقل الخسائر محاولةً الحفاظ على حياة الأسرة، وأن يكون أبناؤها محبين لبعضهم البعض.
يستوقفك أداء فيلدا سمور المعجون بسنوات مديدة من الخبرة قضتها على خشبة المسرح وأمام الكاميرا تصل إلى ما يقارب الخمسين عاماً، ورغم قلة أعمالها في الأعوام الأخيرة “لأنها لا تسوّق نفسها من خلال العلاقات العامة” وتكتفي بأن يحكي عنها عملها، إلا أن قلة الظهور لم تؤثر على قوة الحضور، خاصة عندما تلمس عفوية الشخصية المُقدمة ومدى ملامستها للواقع في أداء لخّص معنى كلمة “الأم” بأبسط المعاني وأعمقها وأكثرها تأثيراً، وبكل ما تحمله من دفء وقدرة على ترجمة المشاعر وإيصال روحها ونبض الشخصية بصدق إلى المشاهد.
وفي العودة إلى الوراء قليلاً نجد أن الأمر ذاته حدث مع “أم صالح”، الشخصية التي أدتها منذ عامين في مسلسل “الزند” إخراج سامر البرقاوي، بكل ما حفلت به من أحداث وصراعات، ما يؤكد على أنها تطبع ما تجسده من أدوار ببصمتها الخاصة، فهي مبدعة مجبولة من الذهب الذي يزداد توهجاً مع الزمن رفقة كل دور جديد يحمل سماته المميزة والفريدة.
#صحيفة_الثورة