الثورة – عبد الحميد غانم:
حمل تكريم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للطيار السوري البطل رغيد الططري، الكثير من الدلالات والمعاني المؤثرة والمعبرة فالتكريم لبطولته ولموقفه الشجاع برفضه قصف مدينة حماة، وكذلك لصموده في وجه ظروف الاعتقال والتعذيب طيلة ثلاثة وأربعين سنة في سجون النظام الساقط.
في عهد نظام الطاغية حافظ الأسد، رفض الططري الانصياع لأوامر قتل الشعب في حماة، والتوجه بالطائرة لقصف المدينة والتأثير على زملائه بعدم الانصياع لتلك الأوامر، فعوقب بالسجن والتعذيب طيلة 43 سنة، حتى جاء الثوار وأطلقوا سراحه بعد سقوط النظام المجرم.
رغيد الططري ضابط طيار، يحب أن يلقب بـ”عميد المعتقلين السوريين”، ويعتبر “صاحب أطول فترة اعتقال سياسي” في سجون نظام الأسد المخلوع، إذ اعتقل عام 1982 وتنقّل بين سجون النظام 43 سنة.
أفرجت عنه قوات الثوار التي دخلت سجون الأسد وحررت المعتقلين
ضمن عملية ردع العدوان التي شنتها ضد نظام الأسد، واستطاعت إسقاطه في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2024.
ولد الططري في دمشق عام 1955، والتحق بالقوات الجوية السورية، وصار طيارا في العشرينيات من عمره.
كان الططري في تلك الفترة طيارا حربيا برتبة رائد في القوات الجوية وجاءه أمر بقصف مواقع بمحافظة حماة الثائرة على نظام الأسد، لكنه رفض التعليمات، أو حتى الإبلاغ عن زملائه المنشقين عن الجيش.
وبدأ النظام استجواب الططري، وبعد أيام من التحقيق قرر النظام المخلوع فصله عن العمل، واعتقله وسجنه.
العميد الططري لم يكن يتوقع هو نفسه أن يخرج ناجيا من عصابات الأسد، لكن أمله بالحرية تحقق، واستطاع أن يعيش الحرية بعد سقوط النظام المجرم.
ذاك النظام الذي جثم الاستبداد على صدور السوريين، إذ امتد حِقْبةً سوداء مظلمة لستة عقود، فاحتكر السلطة، وصادر الحقوق، ومكن لحكم استبدادي قمعي أجهز على مؤسسات الدولة، وأفرغ الدستور من مضمونه وحوّل القانون إلى أداةٍ للقمع والاستعباد.
ها هو اليوم يكرم الططري ويعيش الحرية التي افتقدها لعقود، بينما سجانوه ملاحقون وفارون من العقوبة ويختبئون في أقبية ومحاصرون ومسجونون وراء هواجس الملاحقة والمحاكمة الرابصة على أعناقهم والقلق الذين يعيشونه من أن تطبق عليهم.