الثورة – حسين صقر:
أولى الإسلام الحوار أهمية خاصة، لكونه أسلوباً للتواصل والتفاهم بين الناس، وهو الطريقة الأولى للتعارف والتآلف بينهم، كما أنه منهج الدعوة والإصلاح في المجتمع، وهو سبيل التربية والتعليم لنشأة الأجيال، ولخلق التقارب والالتقاء فيما بينهم.
وللحديث عن أهمية الحوار تواصلت “الثورة” مع الدكتور الشيخ هاني الحاج حمد الباحث في الشؤون الاجتماعية والفقهية، والذي أكد على أن الهدف من الحوار هو بيان الحق من دون حدوث أي خسائر أو إرسال النيل من فكر أحد أو إقصائه. وأضاف: حتى يكون الحوار ناجحاً بين أي طرفين، لا بدّ أن يتصف مجلس الحوار بآداب وضوابط محددة، وأن يتصف المحاورون بصفات وأخلاق حميدة، بعيداً عن أي تشدد أو تعصب أو استئثار بالرأي.
وقال الحاج حمد: إن للحوار في الإسلام آداباً لا بدّ أن تتوافر حتى يكون الحوار هادفاً وبناءً، ومن هذه الآداب، الالتزام بالكلام الطيب أثناء الحوار، أي فمن أهم ما يجب أن يكون في الحوار هو القول الحسن، والابتعاد عن القول القبيح، فقد أمر الله تعالى بذلك فقال: “وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ”، أي تجنب أسلوب التحدي والتعسف في الحوار، وأوضح أن كسب القلوب أولى من كسب المواقف، وقال: فقد تسكت الطرف الآخر بالحجة والبرهان، ولكنك لا تكسب تسليمه، لأن أسلوب التحدي يُشكل حاجزاً أمام التسليم، حتى لو توفرت القناعة العقلية، وأشار الشيخ الحاج حمد، من الأولى أن يحرص المسلم على استمالة القلوب وكسبها خير له من زيادة عدد أعدائه.
وتابع: من الضروري، تحديد وقت محدد للحوار، فينبغي على المتحدث ألّا يستأثر بالكلام لنفسه، ولا يستطيل بالحديث لذاته، أي كما يقال:” أن يتناوب الاثنان مناوبة لا مناهبة”، بحيث ينصت المعترض لصاحب الفكرة حتى يفرغ من كلامه وحديثه ويوصل ما يريد، ثم يبدأ الطرف الثاني بالكلام، ولا يقطع أحد منها على الآخر كلامه وإن فهم مقصوده من بعضه.
وأيضاً، إخلاص النيّة لله تعالى، فإخلاص النية قبل الولوج في الحوار يساعد على تحقيق أكبر فائدة من الحوار بموضوعية، وكذلك حسن الاستماع وأدب الإنصات، واللباقة في الإصغاء، وعدم قطع حديث المُحاور من آداب الحوار، إلّا للضرورة، فمن الخطأ أن يحصر المستمع همّه في التفكير فيما سيرد فيه على الطرف المتحدث، ولا يلقي بالاً للمحاور.
واستشهد الحاج حمد بقول لابن المقفع: “تَعلَّمْ حُسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام؛” ومن حسن الاستماع: إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه، وقلة التلفت إلى الجواب، والإقبال بالوجه، والنظر إلى المتكلم، والوعي لما يقول”.
كذلك التجرد في طلب الحق فاتباع الحق، والسعي للوصول إلى الصواب، والحرص على الاعتراف به والالتزام فيه، هو الذي يقود الحوار إلى طريق مستقيم لا عوج فيه ولا التواء، بعيداً عن هوى الجمهور.
وأضاف: إن العاقل الصادق طالب حق وباحث عن الحقيقة أيّاً كانت، وينشد الصواب ويتجنب الخطأ، ولذا فمواصلة الحوار، والصبر على سوء خلق المحاور أيضاً قضايا مهمة للحوار، حتى وإن كان سيء الخلق، والصبر عند استهزاء الخصم، والصبر على شهوة النفس في الانتصار على الخصم.