يسعى للسلم الأهلي والعدالة الانتقالية.. سفيان اليوسف لـ”الثورة”: كنت من أوائل المعتقلين وأسكن بين الدمار
الثورة – مجد عبود:
من قلب ريف إدلب، حيث لاتزال آثار الحرب محفورة على الجدران وفي القلوب، يخرج صوت سفيان اليوسف ليروي فصلاً من فصول الثورة السورية التي لم تُطوَ بعد.. سفيان، الذي كان من أوائل المعتقلين في عام 2011 بسبب مشاركته في المظاهرات السلمية، قضى أكثر من عام في الاعتقال، تعرّض خلاله لشتى أنواع التعذيب.
ورغم ذلك، خرج مؤمناً بالثورة، حاملاً حلم العدالة والكرامة، واليوم بعد مرور أكثر من عقد، لا يزال يطالب بأبسط حقوقه كمواطن وناشط إعلامي “هوية تحفظ كرامتي عند الحواجز”.
دمار وحرمان وإقصاء.. وبيت رُمّم فوق الركام
لم تقتصر خسائر سفيان على الاعتقال، فالحرب خطفت منه بيته، وجامعته، وعدداً من أقاربه، يعيش اليوم في بيت رمّمه بشكل مؤقت وسط الركام.. يقول: “تدّمر منزلنا، خسرت جامعتي، فقدت بعض أفراد عائلتي، خسرت كل شيء، لكنني ما زلت واقفاً”.
يتحدث بمرارة عن الإقصاء الذي تعرض له حتى من بعض الهيئات الثورية، ويؤكد أن من شارك منذ اللحظة الأولى يجب أن يكون جزءاً من الحل: “نحن من أوائل من خرجوا، لنا بصمة منذ عام 2011، ومع ذلك طالنا الإقصاء من جميع الاتجاهات”.
عدالة لا انتقام: “نحاسب المجرمين لا الطوائف” يحمل سفيان اليوم رؤيةً للمستقبل، ملؤها الأمل بتحقيق السلم الأهلي والعدالة الانتقالية من دون انتقام، بل من خلال محاكمة عادلة لكل من ارتكب الجرائم: “الطائفة الأسدية كانت تضم الجميع، ونحن لا نحاسب طائفة، بل نحاسب المجرمين، نريد محاسبة تحت سقف القانون، نريد دولة قانون، لا دولة انتقام”.
رسائل طمأنة ومطالبة بالعدالة للشهداء
ورغم قسوة الواقع، لا يتوقف سفيان عن نقل رسائل الأمل والطمأنينة، ولا سيما خلال زياراته المتكررة للساحل السوري، حيث التقى بعائلات فقدت أبناءها من المدنيين ومن عناصر الأمن العام، لم يكن هدفه نبش الماضي، بل التأكيد على أهمية العدالة الشاملة التي تحترم دماء الجميع.
يقول: “زرت الساحل، والتقيت بأمهات مكلومات، بعضهن فقدن أبناءهن وهم مدنيون، وبعضهن من شهداء الأمن العام.
قلت لهن: إننا لا نسعى للانتقام، بل نطالب بمحاكمة عادلة لكل من ارتكب جرمًا بحق السوريين، أيًّا كانت الجهة أو الطائفة التي ينتمي إليها”.
ويضيف: “هناك دائماً مساحة للأمل، وهناك أناس طيبون في كل مكان.. العدالة الحقيقية لا تُخيف، بل تحمي الجميع، وتفتح الباب لمستقبل أفضل”، و”أريد أن يصل صوتي”… مناشدة من ناشط بلا هوية.ويعترف سفيان، في نهاية حديثه، أن صوته لا يزال ضعيفاً رغم كل محاولاته: “لقد بذلت أقصى ما أستطيع، لكن صوتي لا يصل.. أريد أن يُسمع صوتي.. أريد هوية، أريد إثباتاً بأنني ناشط إعلامي، لكي أتنقل بكرامة، ولكي لا أُهان”.
رجاء إنساني
رسالة سفيان الأخيرة تحمل رجاءً بسيطاً: أن تُحترم كرامة من قدّم كل شيء، ولم يطلب إلا القليل.