الثورة – ميساء العلي:
لم تنجح أي لجنة تم تشكيلها خلال زمن النظام البائد بإيجاد حل لمعضلة الإصلاح الضريبي في سوريا، وعلى مدى السنوات الماضية جُل ما تم فعله هو الاطلاع على تجارب البلدان المجاورة من خلال اجتماعات لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة.
حكومة جديدة
اليوم ومع تشكيل حكومة جديدة ووزير للمالية هل سيكون الوضع مختلفاً؟ وهل سنبدأ من نقطة الصفر لملف هام سيكون لإصلاحه نتائج هامة على مستوى العدالة الضريبية المرتقبة، إضافة لرفد خزينة الدولة بمطارح ضريبية تحقق تنمية اجتماعية حقيقية بعيداً عن أصحاب الدخل المحدود؟.
أرضية صلبة
في الواقع لا يمكن الحديث عن إصلاح ضريبي ما لم نمهد له أرضية صلبة يكون أول أركانه العدالة الضريبية مع الوضوح بكل حيثيات الضريبة، وهذا يتطلب أيضاً إعادة هيكلة الضرائب لرفع كفاءة التحصيل الضريبي من دون أن نُحمل المواطن أعباءً ورسوماً ضريبية جديدة، بمعنى توسيع الأوعية الضريبية مع استبعاد الفقراء، وما أكثرهم حالياً، للتخفيف عن كاهلهم.
إعادة النظر
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عامر خربوطلي في حديث خاص لـ”الثورة”: إن السياسة المالية هي جزء أولاً من السياسة الاقتصادية لسوريا الجديدة، كما أن مقدار قوة وفعالية وقدرة السياسة المالية على توجيه العمل الاقتصادي، باتجاه العمل الاستثماري والتنموي وبالنتيجة تحسين الخدمات، بقدر ما تؤدي هذه السياسة إلى فعالية اقتصادية على المستوى الكلي وأيضاً على مستوى الدخل الفردي.
جزء من السياسة المالية
وأضاف خربوطلي: إن الضرائب أو النظام الضريبي هو جزء من السياسة المالية والنظام الضريبي السوري، هو نظام قديم وهناك لجنة في الحكومة السابقة المؤقتة لإعادة النظر بالنظام الضريبي. وبحسب الخبير الاقتصادي- فإن النظام الضريبي متشعب ومعقد ومرهق، كما أنه غير واضح بالشكل الكافي، وهذا سيؤثر على بيئة الاستثمار وتحسين بيئة العمل الاقتصادي والتجاري والصناعي بالشكل الكافي، كما هو موجود في أغلب دول العالم التي ترغب بتنمية وتطوير سريع، ونحن في مرحلة في غاية من الأهمية لتحسين وتطوير الاقتصاد السوري. وقال: “النظام الضريبي يجب أن يعتمد على ضريبة الإيراد العام أو القيمة المضافة أو “الفات”، كما هو معمول عالمياً وبنفس الوقت أن تكون ضرائب غير مرهقة، وأن نتخلص من الروتين الكبير في الدوائر المالية، ولاسيما عمليات التحقق وإعادة النظر واللجان، أي كل الأمور التي كانت تشكل هاجساً لدى أي صاحب عمل داخل سوريا، أو الراغبين بالعودة إلى سوريا بحيث يكون نظام الضريبي متطوراً ومرناً.
بمكانه
بالمقابل أفاد خربوطلي، أن التحصيل الضريبي واجب للدولة لرفد الخزينة، بحيث تذهب الضرائب إلى محلها الصحيح من خلال إقامة خدمات عامة من صحة وتعليم وبنية تحتية، إضافة إلى تمويل النفقات العامة للدولة وجزء لا يستهان به من الشق الاستثماري. وأضاف: إن التوجه الحكومي ممثلاً بوزير المالية الدكتور ياسر برنيه الخبير والتكنوقراطي بامتياز في مجال العلوم المالية والاقتصادية، كما أن له باعاً كبيراً في صندوق النقد العربي وبالتالي ستكون هناك رؤية جيدة باتجاه الأهداف المعلنة ومن ثم وضع البرامج والآليات.
مجالس استشارية
ويقترح خربوطلي أن تكون هناك مجالس استشارية من قطاعات مختلفة، إن كانت من منظمات داعمين الأعمال أو من مختصين وخبراء اقتصاديين، لدعم الرأي والمشورة ضمن بنوك معلومات لتوضيح آليات السياسة المالية، وطرق تنفيذها بالطريق الصحيح الذي يحقق بالنهاية مصلحة الاقتصاد السوري الجديد.
أخيراً
العدالة الضريبية ليست ضرباً من الخيال، بل يمكن أن تتحقق عند إخضاع جميع المكلفين أصحاب المال إلى عبء ضريبي متساوٍ، لذلك بات من الضروري البحث عن مطارح ضريبية تحقق العدالة الضريبية من جهة والتنمية الاجتماعية من جهة أخرى، والتي ستنعكس على الوضع المعيشي للمواطن وهذا هو المعنى الحقيقي والهدف من الضريبة.