تعاني الأوقاف الإسلامية في سوريا من جمود متعمّد تمتد أصابعه من عقود ماضية، لعب فيها أصحاب النفوذ والمال دوراً احتكارياً في السيطرة عليها، واستثمارها بما يخالف مفهوم الوقف الإسلامي، وأصول تطبيقه التي تعود إلى عصر النبوّة والخلفاء الراشدين، خاصة وأن الوقف الذي فهم أجدادنا أبعاده الإنسانية والاقتصادية، بالإضافة إلى خير الجزاء، دفعهم إلى وقف عقارات وممتلكات حيوية في قلب المدن السورية، ولاسيما في دمشق وحلب.
أدى ذلك إلى وجود ثروة وقفية لا يستهان بها سواء من حيث الأصول الثابتة كالأراضي والمباني، أو الأموال المنقولة، وكذلك أوقاف الأغنياء وأوقاف الحكام أو ما يسمى الأرصاد. إلا أن الفساد المتراكم اغتال هذه الثروة الوطنية، وحرم الفئات المستحقة من الانتفاع بها، مسخراً إياها لمصلحة حيتان المال والأعمال بأبخس الأثمان.
من هنا جاءت أهمية ما ذكره وزير الأوقاف محمد أبو الخير شكري خلال جلسة الإعلان عن التشكيلة الوزارية للحكومة، بالإشارة إلى القيام بحصر أموال الأوقاف، والسعي لإعادتها واستثمارها ووضعها فيما وقفت له، وبالتالي إعادة الثقة بمؤسسة الوقف الخيري، وهي استحقاقات مهمة لتصحيح مسار الأوقاف، باعتبارها من أهم الموارد الاقتصادية للدولة إذا ما تمّ استثمارها بالشكل الأمثل من خلال معايير وضوابط اقتصادية جديدة متفقة مع الشريعة الإسلامية لإدارة هذه الأملاك التي لطالما تمّ استغلالها وتوظيف عائداتها بعيداً عن الأهداف الشرعية والوطنية.