الثورة – ناصر منذر:
لم تتأخر سوريا كثيراً للرد على الولايات المتحدة، بشأن تلبية شروط واشنطن، مقابل تخفيف جزئي للعقوبات المفروضة على الشعب السوري، ما يعني أن دمشق، توظف كل إمكانياتها السياسية والدبلوماسية، في سبيل التوصل إلى صيغة تفاهم مشتركة، يتم التوافق على أساسها، لتخفيف العقوبات، والعمل لاحقاً على إزالتها بشكل كامل.
وفي هذا الإطار، ذكرت وكالة رويترز، أن سوريا ردت كتابياً على قائمة شروط أمريكية لرفع جزئي محتمل للعقوبات، قائلة إنها طبقت معظمها لكن البعض الآخر يتطلب “تفاهمات متبادلة” مع واشنطن، وفقاً لنسخة من الرسالة اطلعت عليها الوكالة.
وثيقة من 4 صفحات
وبحسب “رويترز”، جاء في الوثيقة المكونة من أربع صفحات، أن سوريا تتعهد بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية مهمته البحث عن الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس، كما تورد بالتفصيل إجراءاتها للتعامل مع مخزونات الأسلحة الكيميائية، ومنها تعزيز روابط الاتصال مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
لكن الرسالة لم تورد الكثير من التفاصيل عن مطالب رئيسية أخرى مثل إبعاد المقاتلين الأجانب ومنح الولايات المتحدة الإذن بشن ضربات لمكافحة الإرهاب.
واشنطن تتلقى الرد
وأشارت الوكالة، إلى أن متحدثاً باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أكد أن واشنطن تلقت رداً من السلطات السورية على طلب أمريكي باتخاذ “تدابير محددة ومفصلة لبناء الثقة”.
وأضاف: “نقيم الآن الرد، وليس لدينا ما نقوله (عن الأمر) في الوقت الحالي”. وأردف قائلاً: إن الولايات المتحدة “لا تعترف بأي كيان بوصفه الحكومة السورية وإن أي تطبيع للعلاقات في المستقبل سيحدَّد بناء على الإجراءات التي تتخذها السلطات المؤقتة”.
كلمة الشيباني تتوافق مع الرسالة
وقالت الوكالة، إن وزير الخارجية أسعد الشيباني سعى في أول كلمة له أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة إلى إظهار أن سوريا تلبي بالفعل المطالب الأميركية، بما في ذلك ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية والبحث عن أمريكيين مفقودين في سوريا.
وأشارت إلى أن كلمة الوزير الشيباني، جاءت متوافقة مع محتوى رسالة سوريا الخاصة إلى الولايات المتحدة، والتي اطلعت “رويترز” على نسخة غير مؤرخة منها. ولم يُنشر محتوى هذه الرسالة سابقاً.
وبحسب الوكالة، قال مسؤولان غربيان ومسؤول سوري مطلع على الرسالة إنها تتوافق مع النسخة التي اطلعت عليها رويترز.
الشروط بحاجة لمناقشة أو تعديل
والشهر الماضي، سلمت الولايات المتحدة سوريا قائمة شروط تريد من دمشق الوفاء بها، منها تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية وضمان عدم منح أجانب مناصب قيادية في الحكم، مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، ومن دون تحديد نوع هذا التخفيف.
وقبل أيام، قال السيد الرئيس أحمد الشرع، لصحيفة نيويورك تايمز، إن بعض الشروط الأميركية بشأن رفع العقوبات “تحتاج إلى مناقشة أو تعديل”، داعياً الولايات المتحدة إلى رفع هذه العقوبات بشكل دائم لأنها فُرضت “رداً على الجرائم التي ارتكبها النظام السابق بحق الشعب”، مضيفاً: “أن هذه العقوبات تعوق الحكومة السورية وقدرتها على تحريك الاقتصاد”، معتبراً أن المرحلة الحالية، بعد سقوط النظام السابق، تستدعي تغييراً في نهج واشنطن تجاه دمشق.
والأسبوع الماضي اختتم عضوان من الكونغرس الأميركي زيارة إلى سوريا، بعد أن التقيا بالسيد الرئيس أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، وقد وصفا اجتماعاتهما في دمشق بالإيجابية، حيث جرى خلال تلك الاجتماعات بحث مستفيض في تطورات الوضعين الأمني والاقتصادي في سوريا، إضافة إلى آفاق بناء شراكة استراتيجية بين دمشق وواشنطن على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
العقوبات غير قانونية
كما تم التطرق إلى أثر العقوبات الأمريكية أحادية الجانب المفروضة على سوريا، والتي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين السوريين وقطاعات حيوية كالصحة والتعليم والطاقة، وأكد الجانب السوري على ضرورة رفع هذه الإجراءات غير القانونية كخطوة أساسية نحو بناء الثقة والانخراط في مسارات تعاون بناء.
ومؤخراً، كشفت صحيفة بوليتيكو الأميركية، أن وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين، تدرسان خططاً لتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، مشيرة إلى أن رسالة وجهها المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الأمريكية بول غوغليانون إلى العضو البارزة في اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ الأمريكي إليزابيث وارين في وقت سابق من الشهر الجاري، تكشف عن وجود نقاشات محتدمة حول إمكانية تقرب الإدارة الأمريكية من سوريا، وإقامة علاقات بين الجانبين.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس، قد أعلنت في وقت سابق اعتراف بلادها بمعاناة السوريين، وقالت في تعليق نشرته السفارة الأمريكية في دمشق على موقعها في منصة إكس: “نقرّ بمعاناة الشعب السوري الذي عانى لعقود من نظام الأسد الاستبدادي.
وأضافت: نأمل أن يمثل تشكيل الحكومة الانتقالية خطوة إيجابيّة نحو سوريا شاملة وتمثيلية.
وأصدرت الولايات المتحدة في كانون الثاني إعفاء لمدة ستة أشهر من بعض العقوبات لتشجيع المساعدات لكن تأثير هذا الإجراء كان محدوداً.