الثورة – غصون سليمان:
“لا تسرف ولو كنت على نهر جار” عبارة نابعة من أهل الحكمة والتبصر تختصر بامتياز أدبيات حُسن الترشيد والتعاطي مع الموارد المتاحة لاستمرار التنمية المستدامة.
فحين تهدر العوائل والأسر ومختلف الأشخاص المياه بشكل عام، ولاسيما العذب منها بطريقة عشوائية، فوضوية، وغير مسؤولة تكون قد أجرمت بحق نفسها وحق الأجيال القادمة.
فترشيد المياه واستغلالها بالشكل العقلاني وفق الحاجة والضرورة هو مسألة أخلاقية تعكس قيما تربوية واجتماعية وثقافية توحي بالدراية وحسن التدبير.
فمن المؤسف حقاً أن نرى على سبيل المثال لا الحصر خزانات فوق أسطحة المنازل بلا “فواشات” حين تطوف بالمياه وتتسبب لساعات من نزفها بالطرقات في الوقت الذي تكاد منازل لاتزورها المياه إلا بصعوبة، نظراً لقلة الإحساس عند مسرفي المياه من جهة، وللتعديات على شبكة المياه من ناحية أخرى، ناهيك عن إسراف ربات المنازل في موسم التعزيل اللواتي يبالغن كثيراً في هدر المياه، وغير ذلك من سقاية المزروعات على حساب حاجة الآخرين ضمن البيئة والحارة الواحدة.
فهناك أحياء كثيرة في المنطقة التي نسكنها بريف دمشق تعتمد أغلب المنازل على شراء المياه من الصهاريج الجوالة بغض النظر عن نظافة المياه ومدى صلاحيتها للشرب والاستخدام.
– أساس الحياة:
ولأن الماء أساس الحياة وخلق منه سبحانه وتعالى كل شيء حي.. كانت صرخة مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب في محافظة دمشق وريفها مؤخراً المهندس أحمد درويش من أن المؤسسة أعلنت رفع حالة الطوارئ في ظل شح الموارد المائية، وارتفاع الطلب على المياه وانخفاض الهطولات المطرية إلى ٣٠ في المئة من كمية الهطولات المطرية السنوية لنبع الفيجة، بينما لم يتجاوز الهطل المطري لمدينة دمشق ٢٣ في المئة وهذه أقل نسبة تم تسجيلها منذ العام 1958.
ونقلاً عن موقع”هوى الشام” أوضح درويش أن رفع حالة الطوارئ هو إنذار مبكر لمدينة دمشق، وسيشهد فصل الصيف القادم ضعفاً في إمدادات كمية المياه الواردة للمواطنين، في ظل استنزاف الآبار الاحتياطية، والتي يتم الاعتماد عليها الآن بشكل رئيسي لتغذية المدينة، لافتاً إلى أن المؤسسة اتخذت بعض الإجراءات الطارئة التي تتضمن تعديل برنامج التزويد لمدينة دمشق وريفها المحيطي المستفيد من شبكة مياه دمشق حسب التضاريس، والتوزع الجغرافي لكل منطقة.
– تنبيه أولي
وذكر درويش أنه ستفرض غرامات مالية بحق المخالفين وفق المادة 32 من نظام الاستثمار الموحد لمؤسسات مياه الشرب، الصادر بالقرار رقم 3107 بتاريخ 18-11-2015 والذي حدد غرامة 25 ألف ليرة سورية لاستخدام مياه الشرب لغير أغراض الشرب، كرش الشوارع والأرصفة، وغرامة 50 ألف ليرة سورية لغسيل السيارات، وغرامة 200 ألف ليرة سورية لاستخدام مياه الشرب للمسابح الخاصة، إضافة إلى غرامة 500 ليرة سورية لكل متر مربع لاستخدام مياه الشرب لسقاية المزروعات، وتضاعف الغرامات السابقة في حال تكرارها..
لعل رفع حالة الوعي وتغيير ثقافة التعامل مع هذه النعمة والحفاظ عليها وتخفيف الهدر قدر المستطاع، أمر أكثر من ضروري ويحتاج لتضافر جميع جهود الجهات المعنية من وزارات،الإعلام، والأوقاف، والتربية، والتعليم والصحة وغيرها إلى جانب جهود المحافظة بالتأكيد.
يذكر أن مدينة دمشق وريفها تتغذى من المصادر المائية التي تعتمد في مخزونها المائي على نسبة الهطولات المطرية، مثل نبع الفيجة وآبار نبع بردى، وحاروش، ووادي مروان، وجديدة يابوس.