الثورة – فردوس دياب:
تعتبر العدالة الاجتماعية من أهم مقومات وركائز التطور والنماء والنجاح، ويعد إرساؤها بين أبناء الوطن خطوة على الطريق الصحيح لبناء مجتمع مزدهر ومستقر وآمن، كما يعكس تحقيقها التزام الدولة بضمان وحفظ حقوق مواطنيها، ولاسيما أنها كانت مفقودة لأعوام طويلة.
للحديث أكثر عن مفهوم “العدالة الاجتماعية”، التقت صحيفة الثورة الباحثة في التخطيط والإدارة التربوية الدكتورة رماز معلا- الأستاذة في كلية التربية بجامعة دمشق، والتي استهلت حديثها بتوضيح مفهوم العدالة الاجتماعية، بأنه حالة سياسية وأخلاقية هدفها العدالة والمساواة بين افراد المجتمع، بحيث ينال كل فرد حقه في المجتمع بالتوزيع العادل للحقوق والفرص والموارد، ليس ذلك فقط، بل تتجاوز ذلك لتصل إلى إزالة الحواجز التي تعيق مشاركة بعض الفئات في الحياة الاجتماعية.
– المساواة في الحقوق:
وأوضحت الدكتورة معلا أن العدالة الاجتماعية تتعدد وتتنوع في عدة مجالات بدايتها المساواة وضمان حصول كل فرد على حقه، سواء أكان بالتعليم أم الصحة أم العمل وغيرها، أو كان ذلك في الخدمات الرئيسية التي يحتاجها الفرد بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين أو الطبقة الاجتماعية، وهذا الأمر يتطلب تقليص الفجوات الاقتصادية بين طبقة الأغنياء وطبقه الفقراء من خلال اعتماد سياسة الضرائب التصاعدية، وتقديم الدعم الاجتماعي، والتأكيد على الحقوق المدنية والسياسية والحماية الاجتماعية التي تضمن توفير الأمان للمجموعات الأكثر ضعفاً من ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن والعاطلين عن العمل، كما يجب الابتعاد عن المعاملة وفق التمييز بكل أشكاله ومعتقداته.
– تحديات العدالة:
وأكَّدت على أن العدالة الاجتماعية تعد أحد أهم أهداف واهتمامات الحكومة بشكل خاص والدولة السورية على وجه العموم، ولاسيما أن العدالة الاجتماعية تواجه تحديات عدة خلفها النظام البائد، تتمثل في عدم تحقيق المساواة بين المواطنين في الحصول على مقومات الحياة الأساسية، نتيجة الدمار والتخريب سواء للمدارس أم المستشفيات وطرق شبكات المياه والكهرباء وكل المؤسسات الخدمية وارتفاع معدلات الفقر.
وبينت الأستاذة الجامعية أن بعض الإحصائيات الأممية تشير إلى أن 90 في المئة من السكان تحت خط الفقر، وذلك حسب الأمم المتحدة، وكذلك انتشار البطالة بين فئة الشباب نتيجة النزوح واللجوء وتشرد عدد كبير من السكان من مناطقهم بسبب إرهاب وإجرام النظام المخلوع الذي ساهم في تفكك المجتمع السوري، وزيادة الضغط على مناطق أخرى آمنة لا تتوفر فيها كافة الخدمات التي يحتاجها المواطنون.
– الأولوية للمناطق المدمَّرة:
وأشارت إلى أن هناك مقومات وركائز حقيقية لابد من توفرها لتحقيق العدالة الاجتماعية، كإعادة الإعمار، وعدم التمييز في توزيع الموارد، وإعطاء الأولوية للمناطق المدمَّرة والمنكوبة، كما يجب مكافحة الفساد ودعم المشاريع الصغيرة وغيرها، بالإضافة إلى ضمان الحقوق الرئيسة للمواطنين بالحصول على التعليم والصحة والعمل،و الخدمات الأخرى.
كما يجب دعم منظمات حقوق الإنسان وبرامج الأمم المتحدة لضمان العدالة في حصول المواطنين على كل أشكال الدعم والمساعدة كحق، وليس منة أو تفضلاً، فالعدالة الاجتماعية مبدأ يتطلب سياسات فعالة، ومشاركة مجتمعية في الحقوق والواجبات، ومجتمع أكثر توازناً واستقراراً وهذا كله يحتاج بعضاً من الصبر والوقت وتعاون جميع السوريين، فحجم التركة التي خلَّفها النظام السابق من الفساد والدمار والوجع والإرهاب يحتاج أعواماً لتجاوزه والنهوض بالوطن مجدداً.
– تضافر الجهود:
وختمت الدكتورة معلا حديثها بالقول: إن تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها سوريا كدولة جديدة يحتاج إلى تضافر الجهود الحكومية والاجتماعية والمؤسساتية، وذلك كله من خلال تشريعات وقوانين تساهم في تسريع عملية بناء مجتمع مستقر وآمن يضمن لأبنائه العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات والفرص.