وراء كل إنسان حكاية وعبرة.. تلحظ الأوجاع والأحلام

الثورة – غصون سليمان:

على حواف العمر تفرد الذاكرة حبرها، تغوص في شغاف السنين، ترشف من تخوم الحقيقة ولوحة الأيام ما عبق بها وتأصل من جذور وفروع، لترسم على وقع المحيط حضوراً من ذهب.

لم تكن الصدفة وحدها من جمعتنا بهم لكنها مهنة الصحافة النبيلة التي تمد الجسور وتلحظ وجع الناس وتنقل وجهات نظرهم وهمومهم، آمالهم، وأحلامهم، وتقلبات أيامهم على امتداد مساحة الوطن.

في هذه السطور نتوقف مع شخصية من بلادي لها حضورها وتأثيرها الإيجابي في محيطها الاجتماعي والتربوي على جميع المستويات، فكيف كان التعاطي مع هذه البيئة “نبع الفيجة”؟.

في البداية كان الحديث مع الأستاذ والمربي علي الشلبي وما أفاض به من أفكار ومعلومات، مثل ترنيمة الربيع على وقع ثمار الصيف كي تستريح بعدها عكازة العطاء في مواقد الحنين بعد أن هجرها لسنوات من الحرب التي لم ترحم أحداً فقط.

تنوعت سنوات التعليم ما بين دير الزور ودير قانون، ومنطقة نبع الفيجة، لينتقل بعدها للعمل كموجه اختصاصي لمادة التاريخ في مديرية تربية ريف دمشق.

تمسك بجذوره الطيبة ولم يرغب يوماً في مغادرة تلك الطبيعة، واصفاً البلد بالجميلة والأصيلة والتاريخ المجيد، لافتاً إلى أنه من أيام الرومان يوجد بمحيط النبع آثار لمعبد روماني وإلى جانبه منطقة عسكرية تدعى القلعة كانت حصنه.

أم القرى

وقال الشلبي الحاصل على الشهادة الجامعية في التاريخ ودبلوم في التربية: كما يسمون مكة أم القرى، فإن منطقة نبع الفيجة هي أم القرى لجميع أبناء سوريا الذين كانوا يقصدونها من كل الجغرافي والأماكن في موسم الاصطياف، إضافة إلى الزائرين من دول أوروبا وغيرها، حيث كانت تضم الفيجة ٥٣ منشأة سياحية.

وجع الأيام

يسرد الشلبي حال الواقع المر الذي فرضته الحرب على شعبنا خلال السنوات الماضية والظلم الذي حل بمعظم المناطق ومنها الفيجة، مستنكراً في هذا السياق سلوك بعض الشاذين من أبناء المنطقة الذين أقدموا على قطع المياه عن دمشق في ذاك الوقت من دون وجه حق، بغض النظر عن ظروف الحرب وتبعاتها السلبية على جميع المستويات، مبيناً كيف تدخل إيجاباً مع العقلاء من أبناء المنطقة وتمكنوا من إخراج هؤلاء من قلب نبع الفيجة الذين أساؤوا التقدير والعواقب الوخيمة حين حرمت العاصمة دمشق بقطع المياه لفترة من الزمن، وبنفس الوقت لم يتوانَ عن قول الكلمة الحرة والوقوف ضد ممارسات النظام المخلوع بكل جرأة وقوة.

لم يعرف منزله وذكر في هذا السياق أنه حين ننتقد أي ظاهرة في البلد هدفها التصويب وليس الانتقام.. متحسراً على خراب المنطقة وتدميرها بشكل كبير، وكانت ترنوا على “٢٩٠” عقاراً مهدماً من بينها منزله المؤلف من ٤ شقق، وكل شقة مساحة ١٣٠ متراً، فحين ذهب ليتفقد منزله لم يعرف موقعه على الأرض، وما بقي من أثر فقط أطلال خاوية على عروشها.

والأكثر إيلاماً على الصعيد النفسي والمعنوي أنه لم يبقَ لديه شيء من مكتبته التي كانت تعد من أهم مكاتب المحافظة، وكانت تستعين بها التربية لما فيها من كتب وعناوين متنوعة تقدر بمئات الملايين، وبعد لحظة صمت وتندر فيها من عمق الذكريات ما يكفي قال: “ليتني عثرت على شقفة أو جزء من كرتونة تثبت أنني متعلم وجامعي”.

الشلبي الذي هجر بلدته “الفيجة” إلى الأشرفية لم يجمل واقع المجتمع، والذي لم يكن أبناؤه على قلب واحد، فقد سيطر الخوف والضعف والزيف على البعض وانجروا بشكل سلبي ضد مصلحة بلدهم، مؤكداً أن التعاون والغيرية والمحبة بين أبناء المجتمع إذا ما توفرت من الصعب أن يخترقه أي سوء في الداخل والخارج.

تشجيع الناس

وعن دواعي عودته إلى منزل ابنه الكبير في الفيجة اليوم وتم ترميمه بعض الشيء، أشار إلى أن الهدف من هذه الخطوة هو تشجيع الناس على العودة وتفقد عقاراتها، داعياً الجهات المعنية من بلدية وغيرها أن تعمل بإخلاص وتقوم بمسؤولياتها المنوطة بها لناحية تأهيل وإعادة الخدمات من مدارس وكهرباء، ومستوصف، وطرقات، ومواصلات، وهاتف وغيرها، ولاسيما أن عدد العائلات في منطقة الفيجة أكثر من ألف شخص يتوزعون على٣٥ عائلة، وبالتالي لابد من تأمين الخدمات كي يعود الناس إليها بالتدريج.

وأضاف علينا أن ننطلق من أنفسنا ونكون مخلصين في عملنا كي نعوض ما فقدناه وذلك بالتعاون مع الحكومة الجديدة بعد إنجاز التحرير.

آخر الأخبار
تحويلة  سد الرستن بالخدمة نقاشات بين " الإسكان " وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدعم المشاريع السكنية  وزير الصحة : توزيع الخدمات الصحية بعدالة على جميع المناطق   المياه في ضاحية قدسيا.. بين ضعف الضخ وانقطاع الكهرباء من التعليم إلى التمكين المهني.. مبادرات لمركز الريادة الطلابي إزالة مخالفات بناء في بلدات بحلب  حلب تستلم ٥٠ شاحنة طحين من قطر مدير " صحة " درعا: دعم المستشفيات بالمستلزمات والأدوية  طرطوس تتزين بالنباتات والأشجار   استعدادات لاستقبال باخرة القمح   هدوء يلف العاصمة الليبية وبعثة الأمم المتحدة قلقة   "تحدي القراءة" تنطلق بحماة بديل الروضات الخاصة.. ومجاناً "استعدوا للمدرسة" إقبال ملحوظ من أهالي طرطوس   الصحة العالمية" تتابع البرامج الصحية واللقاح بدرعا   إخماد حريق حراجي في الغاب  خطوة للارتقاء بالمهنة.. منع الصيادلة مزاولة عمليات التجميل   3 اكتشافات جديدة للغاز والزيت في مصر المركزي يخفض سعر الصرف.. الحلاق لـ"الثورة": يؤثر في أماكن معينة The New Arab:تصدير "طائرات إف-35" يكشف تواطؤ بريطانيا في جرائم الإبادة الجماعية في غزة   The New Arab :كيف تساهم العلاقات الدفاعية بين "الأوروبي" وتركيا في تعزيز نفوذ أنقرة بالأمن الإقليمي؟