في إحدى محاضراته تحدّث الفيلسوف المعاصر فريدريك لونوار عن (جودة الكينونة) وكيفية تحصيلها.
أشار لأهمية التأمل بتهدئة عقولنا وتقليص تفكيرنا، ما (يسمح لنا بأن نكون أكثر حضوراً وأكثر انتباهاً لِما نقوم به باللحظة الراهنة.. وهذا يؤثر على بهجتنا في الحياة وعلى جودة كينونتنا).
نقل “لونوار” تساؤل العلماء: بأي وقت ترسل الناقلات العصبية المادتين اللتين تصنعا جودة الكينونة (الدوبامينو السيروتونين)، في الجسد..؟
لتكون نتيجة الدراسات أن ذلك مرتبطاً بشكل أساسي بكوننا (منتبهين بالكامل وحاضرين في اللحظة الراهنة)..
والسؤال: هل نحن فعلاً كذلك..؟
ذكرت الإحصائيات الحديثة في عالم التكنولوجيا الرقمية أن تطبيق (تشات جي بي تي) أصبح الأكثر تحميلاً في العالم، متفوقاً على (انستغرام وتيك توك)..
هل لاحظتم حالة العزلة التي تترافق مع هذا التطبيق..؟
وكلّما زادت عزلتنا معه، زاد حجم انشغالنا عن لحظتنا الحالية.
كل تصنيفات ومفرزات عالم الرقميات تزيد من مساحة التشتت في يومياتنا، ومن اكتساح لحظاتنا بسيلٍ هائل من المعلومات والأخبار غير المنضبط.
وبالتالي فإن الواقع الأكثر انتشاراً، وربما الأكثر تأثيراً حولنا هو “الافتراضي”.. وفي ظل هكذا واقع، هل نستطيع حقاً أن نكون منتبهين بالكامل للحظة الراهنة التي نحن ضمنها..؟
هل يمكن فعلياً للتمارين الذهنية التي أوصى بها “لونوار” أن تحدّ من سيطرة (الإلهاء الممنهج)..؟

السابق