الثورة :
تربية النحل مهنة قديمة في سوريا التي تعد من الدول التي تنتج أجود أنواع العسل، والسبب يعود إلى تنوع طبيعتها الجغرافية، ونمو عدد كبير من النباتات والأشجار التي تعطي الكثير من أنواع الزهور التي يستحصل منها النحل على الرحيق وغبار الطلع.
وحول أصناف العسل وتقديرات الإنتاج وصعوباته يبين النحال والخبير المربي نبيل علي صالح لـ”الثورة” أن للعسل السوري أصنافاً رئيسة هي: عسل الحمضيات، عسل حبة البركة، عسل اليانسون، عسل الكينا، عسل الأزهار البرية، والعسل الجبلي، عسل العجرم، ويشتق من هذه الأصناف مجموعة من الأنواع الفرعية غير الأساسية، مضيفاً: في اللاذقية يعتمدُ النّحّالون على شجرة الحمضيات خلال فصل الربيع لجني محصول عسل الليمون ، وفي منطقة الغاب المشهورة بتنوعها الزهري والنباتي تنمو أزهار حبة البركة واليانسون التي يجني منها النحل عسل البركة وعسل اليانسون، إضافة إلى عسل الشوكيات الذي تنمو زهوره في مناطق جغرافية أخرى واسعة كثيرة من بلدنا، سواء في الساحل أو في الجبل.
ولفت النحال صالح إلى أن إنتاج العسل السوري تراجع خلال السنوات الأخيرة، رغم أنه كان أقوى وأفضل قبل 2011م حيث قدر إنتاج العسل بنحو 3 آلاف طن من العسل سنوياً، وفي عام 2022 وصل الإنتاج لنحو 2500 طن، في حين لم يتجاوز مئات الأطنان خلال السنوات الأخيرة.
صعوبات إنتاجية
وحول الصعوبات الإنتاجية، قال صالح: لقد واجهت تربيةُ النحل العديد من الصّعوبات التي أفضت أيضاً إلى عزوف عدد غير قليل من النحالين عن هذه المهنة، والسبب يتمثل في ارتفاع تكاليف الإنتاج (ارتفاع أسعار مستلزمات المنحل وأدواته وأدوية النحل وأجور النقل وغيرها) وسوء المناخ، وأن إنتاج العسل يحتاج لمناخ ملائم لعمل النحل، وكذلك ضعف الوعي العلمي بتربية النحل، واستخدام المواد السامة والمبيدات على النحل ما يسبب مزيداً من الخسائر للمربين.
وأيضاً انخفاض أعداد النحل نتيجة الظروف المناخية، إضافة لضعف القدرة الشرائية لمادة العسل بسبب ارتفاع سعرها.
ويؤكد الخبير صالح أنه خلال الفترة الزمنية السابقة ما بين عامي 2011 و2020 فقدت سوريا أكثر من 80 بالمئة من إجمالي النحل السوري، وربما كان من أهم عوامل تراجع النحل وإنتاجه من العسل، هو تأثره بالتبدلات المناخية الهائلة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، انخفض هذا العام 2025م إنتاج عسل الليمون (الحمضيات) إلى درجات متدنية جداً، والسبب هو شح الأمطار وتبدلات الطقس المفاجئة وتأثير هذه التبدلات على الزهور، الأمر الذي أدى إلى ضعف أداء وفاعلية النحل العامل، مع انخفاض المساحات المزروعة بالحمضيات، وقلة اهتمام المزارعين بها، مع العلم أن عسل الحمضيات هو الأكثر شهرة في اللاذقية.
استراتيجية واضحة
ويرى أنه اعتماداً على ما تقدم يجب التأكيد على ضرورة وضع استراتيجية واضحة من قبل الجهات المعنية بموضوع تربية النحل، للتعامل مع هذا القطاع المهم والحيوي، خاصة لجهة إعادة إحياء سلالة النحل السوري، ولجم فوضى استيراد السلالات الملكية، والوقوف بحزم في وجه محاولات التلاعب بالمنتج العسلي مع وجود أنواع مغشوشة من العسل في الأسواق بأسعار منخفضة جداً، وضرورة تقديم قروض ميسرة للنحالين.
وأهمية تفعيل صندوق تعويض أضرار النحالين في حال فقدان النحل نتيجة الظروف المناخية أو المرض، ومن المهم جداً تسويق العسل عن طريق فتح أسواق تصريف بعد إلغاء الكثير من قيود التصدير التي كانت مفروضة سابقاً وللعلم فإن العسل لا يزال سعره متدنياً قياساً مع التكاليف التي تصرف لإنتاجه.