الثورة – نيفين أحمد:
في تقرير نشره موقع “أكسيوس” الأميركي كُشف النقاب عن نوايا إسرائيلية لتنفيذ خطة عسكرية تتطلب “تسوية معظم قطاع غزة بالأرض”. وتعد تصعيداً خطيراً قد تغيّر ملامح القطاع ديموغرافياً وجغرافياً وتدفع تل أبيب نحو مزيد من العزلة على الساحة الدولية.
وتستند الخطة التي وصفها موقع اكسيوس بأنها “غير مسبوقة” إلى رؤية أمنية تعتبر أن البنية التحتية في غزة بأكملها تمثل تهديداً يجب القضاء عليه. لكن تطبيق هذه الرؤية يعني عملياً إزالة أحياء سكنية بأكملها وتدمير شبكات الحياة في القطاع “من الطرق والمستشفيات إلى المدارس ومحطات الكهرباء”.
وبحسب الموقع الأميركي، فإن المضي بهذه الخطة قد يؤدي إلى ردود فعل دبلوماسية واسعة، حيث بدأت إشارات القلق تظهر حتى من حلفاء تقليديين لإسرائيل على رأسهم الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية. خاصة بعد أن تراجع الرئيس ترامب عن خطته السابقة التي كانت تدعو إلى ترحيل جميع الفلسطينيين من قطاع غزة البالغ عددهم مليوني شخص بهدف تحويل المنطقة إلى “ريفييرا” جديدة.
ويُحذّر محللون من أن تنفيذ الخطة بشكلها الكامل قد يدفع دولاً حليفة إلى إعادة النظر في علاقاتها العسكرية والسياسية مع “تل أبيب” وربما اتخاذ خطوات غير مسبوقة في المحافل الدولية من بينها إجراءات قانونية أمام محكمة الجنايات الدولية.
تداعيات كارثية
الأخطر من كل ذلك أن هذه الخطة تعني فعلياً تفريغ غزة من مقومات الحياة .
ووفق تقارير أممية، فإن نحو 2.2 مليون إنسان يعيشون في رقعة لا تتجاوز 365 كم²، يعانون أصلاً من انعدام الماء والكهرباء والدواء ويقفون على شفا كارثة إنسانية. كما أن تدمير القطاع بالكامل دون خطة إعادة إعمار أو حماية المدنيين، سيفاقم من موجات النزوح الداخلي واللجوء، وتفكيك النظام الصحي والتعليمي، وازدياد معدلات الجوع والأوبئة.
كما يُخشى من أن تؤدي هذه السياسات إلى تغيير ديموغرافي قسري وهو ما يُعد مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني، حيث صرح تنياهو الأسبوع الماضي، وللمرة الأولى أن الحرب لن تنتهي ما لم يتم تنفيذ هذه الخطة، وتعتبر حكومته ذلك بمثابة ضوء أخضر للسير قدماً في تنفيذ ما تسميه “الهجرة الطوعية”، وهو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى تهجير جماعي يبدأ بنقل السكان إلى “منطقة إنسانية” داخل غزة، ومن ثم إلى الخارج إذا أمكن.
ويشير “أكسيوس”، إلى أن هذه الخطة لا تحظى بإجماع داخل إسرائيل فبعض الأصوات في المؤسسة الأمنية والعسكرية تعتبر أن القضاء على البنية التحتية لا يعني القضاء على الفكرة، وأن تدمير غزة بهذا الشكل سيولد أجيالاً جديدة من الغضب والرغبة في الانتقام.
ففي كواليس مجلس الأمن الدولي نقل مسؤول إسرائيلي رفيع أن وزير الخارجية جدعون ساعر حذر نتنياهو في سلسلة اجتماعات جرت في مارس الماضي من أن تعليق المساعدات الإنسانية لن يؤدي إلى إضعاف حماس، بل سيدفع الحلفاء الدوليين إلى التراجع عن دعمهم، كما أثارت التسريبات قلقاً كبيراً خاصة في مصر والأردن وقطر، إذ تُعد غزة منطقة حساسة في الأمن الإقليمي .
وتحذر مؤسسات حقوقية من أن المضي في هذه الخطة سيُعيد إلى الذاكرة مشاهد النكبة الفلسطينية عام 1948، حين أُجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة منازلهم تحت التهديد.
ومن المنتظر أن تستضيف فرنسا مؤتمراً مشتركاً مع السعودية الشهر المقبل بهدف دفع الجهود نحو حل الدولتين، كما يُتوقع أن تعلن باريس رسمياً اعترافها بالدولة الفلسطينية.