الثورة – متابعات
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) عن استئناف نشاطها في سوريا، وذلك بعد توقفها نتيجة تعليق التعاون مع نظام الأسد منذ عام 2011، وجاءت العودة عبر مبادرة عاجلة تهدف إلى إعادة تأهيل المتحف الوطني في دمشق، كخطوة أولى في مسار جديد لتعزيز الثقافة والتعليم في البلاد.
وفي بيان نُشر على موقعها الرسمي، أكدت المنظمة أن هذا التحرك يشكل بداية انخراط فعلي لدعم القطاع الثقافي السوري، ضمن خطة أوسع لمواكبة المرحلة الانتقالية في البلاد، وقد أُوفدت إلى دمشق بعثة رفيعة المستوى برئاسة مارغو بيرجون دارس، مديرة مكتب المدير العام لليونسكو، لإجراء مباحثات مباشرة مع السلطات السورية المؤقتة بشأن مجالات التعاون المستقبلية في قطاعات الثقافة والتعليم والإعلام.
ويُعد المتحف الوطني بدمشق، الذي أُسس عام 1919، أحد أقدم المؤسسات الثقافية في الشرق الأوسط، ويضم مقتنيات أثرية نادرة تروي التاريخ الغني والمتنوع لسوريا.
وكان المتحف قد أغلق أبوابه عام 2012 بفعل الحرب، ثم أعيد فتحه جزئياً في عام 2018، قبل أن يُعاد افتتاحه بشكل كامل مطلع عام 2025.
ووفق اليونيسكو، يهدف المشروع الجاري تنفيذه بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف إلى تنفيذ حزمة من الإجراءات العاجلة تشمل: تدعيم البنية التحتية، تحسين أنظمة التخزين والحماية، والبدء في أعمال الترميم والحفظ الرقمي للمخطوطات والوثائق التراثية السورية، التي تُعد من الكنوز النادرة في المنطقة.
كما يركز المشروع على الجانب التربوي، من خلال إعداد مواد تعليمية مخصصة للطلبة، وتدريب كوادر المتاحف على سبل توظيف الثقافة كأداة لتعزيز المواطنة والانتماء، وبناء جيل أكثر وعياً بأهمية التراث في الحفاظ على الهوية الوطنية.
وحددت اليونيسكو ميزانية أولية للمشروع تبلغ 175 ألف دولار أميركي، ستُصرف في تنفيذ خطة عمل تشمل التأهب للطوارئ، ترميم المجموعات الأثرية، رقمنة الوثائق، وإقامة ورش تدريبية متخصصة في علوم المتاحف والجرد والتراث.
هذه المبادرة تأتي في إطار خطة عمل جديدة أقرها المجلس التنفيذي لليونيسكو في نيسان/أبريل الماضي، بناءً على مشروع قرار تقدمت به ألمانيا، وتهدف إلى تقديم دعم مباشر للمرحلة الانتقالية في سوريا، مع التركيز على إعادة بناء المؤسسات التعليمية والثقافية التي تضررت خلال سنوات النزاع.
وأكدت المنظمة أن عدداً من الشركاء الدوليين التزموا بتوفير موارد مالية إضافية لتوسيع نطاق المشاريع المزمع تنفيذها، في إطار نهج تشاركي يعزز التعافي الاقتصادي والاجتماعي من خلال الثقافة والتراث كمحفزين للتنمية المستدامة.
وفي ختام بيانها، شدّدت اليونيسكو على التزامها بمواصلة التنسيق الوثيق مع السلطات السورية الانتقالية والشركاء الدوليين، لضمان تنفيذ المبادرة بنجاح وخلق فرص عمل متخصصة، معتبرة أن الحفاظ على التراث الثقافي يشكل ركيزة أساسية لإعادة بناء سوريا الحديثة، وترسيخ هويتها الوطنية في مرحلة ما بعد الحرب.