الثورة – جهاد اصطيف:
في لحظة طال انتظارها، تستعيد حلب موقعها الريادي على خارطة الإنتاج الصناعي، عبر بوابة معرض “الأحذية والمنتجات الجلدية ” الذي سينطلق أواخر الشهر الجاري تحت شعار “حلب تنهض”، ليكون بمثابة إعلان واضح عن بدء مرحلة جديدة من النهوض الصناعي، تستند إلى الحرفة والخبرة والجودة التي لطالما ميزت المنتج الحلبي.
وبرعاية محافظ حلب المهندس عزام غريب، وبالتعاون بين المدينة الصناعية في الراعي، وغرفتي صناعة وتجارة حلب، أُعلن خلال مؤتمر صحفي عقد في فندق الشيراتون اليوم، عن انطلاق فعاليات المعرض في 30 حزيران الجاري ولغاية 2 تموز المقبل، بمشاركة نحو 50 جهة من مختلف المحافظات.
تاريخ يتجدد
وفي كلمته خلال المؤتمر، قال نائب محافظ حلب لشؤون الاستثمار المهندس حازم لطفي: صناعة الأحذية والجلديات ليست مجرد مهنة في حلب، بل هي إرث وهوية متوارثة، جمعت بين الحرفة والفن، وكان لنا حضور واسع في الأسواق العالمية قبل الحرب، وكانت منتجاتنا تصل إلى 35 دولة.
وأكد أن ما نحتاجه اليوم هو بنية تحتية صناعية متكاملة، تربط بين الحرفة والأسواق، وبين المهارة والفرص، مشيراً إلى أهمية إعادة هيكلة المناطق الصناعية وتوفير بيئة مشجعة للاستثمار، وأضاف: نحن لا نبدأ من الصفر، بل نعيد تشغيل ماكينة صناعية تمتلك تاريخاً وإبداعاً، ونسعى لبناء جسور مع المستثمرين والمغتربين لإطلاق علامة تجارية موحدة للجلديات الحلبية.
ولفت لطفي إلى أن هذه الخبرة برزت في تركيا على سبيل المثال، ولعبت دوراً محورياً في هذا المجال، خاصة في مدن غازي عنتاب وأورفة، وشكل العمال السوريين 70 بالمئة في بعض المعامل وساهموا بخبرتهم في تعزيز القدرة الإنتاجية وجودة المنتجات التركية، إذ صدرت تركيا في العام 2023 نحو 3,1 مليار دولار من هذه الصناعات، من خلال مئات الورش الصغيرة والمتوسطة في كل من غازي عنتاب وإسطنبول، لتكتسب من خلالها اليد العاملة السورية الخبرة المزدوجة، التي يمكن لها أن تعود إلى سوريا وتسهم في نهضة صناعية حقيقية، تنطلق حلب منها مجدداً، لأن حلب تاريخها أعرق وتتوفر فيها المواد الخام الطبيعية، معتبراً أن المعرض القادم سيكون خطوة مهمة في هذا الاتجاه، من خلال بناء جسور تعاون واستثمار وتصدير حقيقي، وتعمل محافظة حلب على تجهيز بيئة صناعية خاصة من خلال المدينة الصناعية في الشيخ نجار والمناطق الصناعية الأخرى عبر تسريع التراخيص وتذليل العقبات أمام الاستيراد والتصدير ودعم الشركات مع الجهات الدولية، وتفعيل دور المستثمرين المغتربين.
“الراعي” تقود التحول
من جهته أشار مدير المدينة الصناعية في الراعي المهندس صلاح الدين الشريف، إلى أن تنظيم المعرض يمثل خطوة نوعية باتجاه استعادة حلب لمكانتها كعاصمة للصناعة السورية، وقال: عملنا خلال السنوات الماضية على توفير بيئة حاضنة للصناعة والاستثمار، وها نحن اليوم نتوج هذه الجهود بمنصة إنتاج وتسويق حقيقية، تبدأ من حلب وتصل إلى الأسواق الإقليمية والدولية، موجهاً في ختام كلمته الدعوة للصناعيين المغتربين في أنحاء العالم، لكي يعودوا ويساهموا في بناء الاقتصاد السوري، كون الفرصة باتت مهيئة والتسهيلات متاحة والأهم توفر الإرادة الصادقة أمام المضي قدما نحو مرحلة أكثر قوة وازدهاراً.
منصة للترويج والتصدير
أمين سر غرفة تجارة حلب زين العابدين قاظان، شدد على أهمية المعارض في دعم الصناعة المحلية، مؤكداً استعداد الغرفة لتقديم كافة أشكال الدعم لإنجاح هذه التظاهرة الاقتصادية.
فيما وصف الصناعي محمد زيزان، عضو غرفة صناعة حلب، المعرض بأنه الأول من نوعه بعد التحرير، مما يمنحه خصوصية وأهمية كبرى.
بدوره، أوضح مدير شركة “ثقة” للمعارض والمؤتمرات وسيم ناشد، أن عدد المشاركين يمكن أن يصل إلى 50 جهة عارضة، محلياً وخارجياً، مضيفاً: نهدف إلى جمع الصناعيين المحليين والعالميين تحت سقف واحد، وفتح آفاق جديدة للتعاون والتصدير، بما يعزز من حضور الصناعة الحلبية في الأسواق العالمية.
دعم وتسهيلات
وخلال النقاش على هامش المؤتمر، طالب عدد من الصناعيين بضرورة تخصيص منطقة صناعية للحرف الجلدية تكون قريبة من الأحياء السكنية، نظراً لطبيعة العمل، إضافة إلى تخفيض الرسوم الجمركية على المواد الأولية التي تشكل عبئاً كبيراً على حركة الإنتاج.
وفي ختام المؤتمر، أجمعت الآراء على أن معرض “حلب تنهض” ليس مجرد فعالية اقتصادية، بل هو محطة انطلاق جديدة لصناعة أثبتت جدارتها عبر التاريخ، وحان الوقت لإعادتها إلى واجهة الإنتاج والتصدير من جديد.
تصوير- صهيب عمرايا