المحضر السعودي.. قلم تشيني والحبر الإسرائيلي

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
لا تستطيع السعودية أن تؤكد ما جاء في المحضر السري الذي كتبه ديك تشيني بعد زيارة الرئيس أوباما إلى السعودية والمسرب إسرائيلياً، ولن ينفعها النفي كما هو متوقع، بحكم أن الوقائع والمؤشرات حيال الموقف السعودي تتقاطع إلى حد التطابق مع النهج الجديد للمملكة،

وتحديداً دورها في تدوير زوايا العلاقة بين الإخوان والوهابية وما يتصل بالموقف من إسرائيل.‏

فالثابت تاريخياً وموضوعياً أن مملكة آل سعود احتفظت بموسوعة من المحاضر السرية التي اقتضتها كل مرحلة تاريخية على حدة، وكانت سياستها الكلية والجزئية في كل منعطف سياسي أو تاريخي نتاج تلك المحاضر، بما في ذلك أدوارها الوظيفية المنتظرة مستقبلاً، التي أدت في حينها إلى ظهور المملكة على خرائط المنطقة، خصوصاً في المرحلة الأولى من نشوئها، وما تبعها من إضافات وملاحق على ذلك الدور الوظيفي بمكوناته الأساسية.‏

اللافت .. قد لا يكون في الصياغات المنسوبة إلى ديك تشيني والموضوعة تحت تصرف الاستخبارات الأميركية والكونغرس بنسخ طبق الأصل عن المحضر، فيما الأصل قد تم ايداعه بالأمانة لدى إسرائيل، بقدر ما هو في عملية التسريب وتوقيتها والرسائل التي أريد لها أن تكون مباشرة، ولاسيما حين ترتبط بجملة من الحوامل الموضوعية والمتغيرات الجوهرية في بنية وتركيبة الأدوات الأميركية في المنطقة، حيث كانت العلاقة مع إسرائيل جوهر وأصل المحضر، فيما كان المستقبل العملي للعائلة المالكة على الهوامش الإضافية التي اقتضتها الضرورة اللفظية.‏

كل ذلك يأتي في وقت بدت فيه السياسات السعودية على أرض الواقع أكثر التزاماً من تفاصيل المحضر، ومتقدمة على مضمون سطوره، وجاءت سابقة في بعض جزئياتها للمفردات الواردة، سواء ما تعلق منها بما هو مطلوب من المملكة إسرائيلياً، أم ما ارتبط بالدور الإقليمي في إعادة ضبط العلاقة بين التنظيمات الإرهابية والحركات المتطرفة في المنطقة، مع تناغم واضح في المهمات المتبادلة بين أميركا والسعودية في ردم الهوة القائمة وصياغة عقد إرهابي على طريقة «النيو» ليبرالية.‏

فالملك السعودي وإرثه المتواتر في العلاقة مع التنظيمات الإرهابية بوجوهها المختلفة، بدءاً من الإخوانية.. مروراً بتنظيم القاعدة.. وصولاً إلى الوهابية وجذر وجودها في عمق تلك التنظيمات، توفر له خبرة كافية ليقود عملية المصالحة المطلوبة أميركياً بين تلك التنظيمات، فيما دور المملكة في صياغة عقد جديد مع إسرائيل على قاعدة المتغيرات لم يكن بحاجة إلى محضر، وكانت المبادِرة في هذا الاتجاه، -وربما الأجرأ- في طرح العلاقة على الملأ، بما في ذلك تصريحات بعض أركان العائلة المالكة عن الدور الجديد ليوثق في محضر سعودي وبقلم تشيني وحبر إسرائيلي.‏

على هذه القاعدة، قد لا يكون النفي من مصلحة المملكة، إذ لا معنى له ولا فائدة تُرتجى منه، وبالمقابل لا تستطيع أن تؤكد.. لتبقى المعلومات وما ورد في المحضر أقرب إلى أحجية متعددة الأبعاد والدلالات، ليؤخذ من المحضر ما يراد له أن يُسوّق مرحلياً، ويتم الاحتفاظ بما ينفع الى مراحل قادمة، ليكون قرينة على الأميركي في تعاطيه مع السعودية في المنعطفات القادمة.‏

الواضح حتى اللحظة أن السعودية لم تكن تنتظر تسريب وقائع المحضر، ولا التفاصيل الواردة فيه، لكن.. والأمر قد حصل، فلا ضير في إضافات من خارج النص، وفي مقدمتها الدور المرحلي في صيغته التجريبية، التي تقتضي من السعودية أبعد مما ورد، وأكثر بكثير مما احتوت صفحات المحضر، بحكم أن مرحلة الاختبار قد تكون عرضة لانزلاقات سياسية تكتيكية أو استراتيجية تطيح بكل ما تمتلكه السعودية من «مؤهلات» وظيفية أثبتت «كفاءتها» على مدى العقود الماضية.‏

وهذا ينطبق على كل ما ورد في المحضر من مطالب أميركية، وما جاء فيه من شروط إسرائيلية، حيث تبقى القصة بأكملها في رد الأمير المدلل وكلامه الذي تضمنه المحضر والذي دفع تشيني إلى الرضا الكامل!!، حيث ما خفي بين سطوره وما جاء في تفاصيل كلماته يكفي لحل الأحجية السعودية وما هو أبعد منها ، بما في ذلك أسباب وبواعث الدفع الإسرائيلي بالمحضر إلى العلن، والذي جاء بموافقة أميركية مسبقة، ليجيب على ما يأتي لاحقاً من تساؤلات حصرية حول توقيت التسريب!!‏

 

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
إطلاق القاعدة الوطنية الموحدة لسجلات العاملين في الدولة ما هي أبرز قراراته المثيرة للجدل؟ شعبية ترامب تتراجع بعد مئة يوم على توليه منصبه  الأمم المتحدة تدعو لرفع العقوبات والاستثمار في سوريا الأوروبي" يواجه تحديات خارجية وداخلية.. فهل يتجاوزها ويصل إلى الحالة "التكاملية"؟ إعلام غربي يدعو للاستفادة من المتغيرات الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة The Media line: لقاء الرئيسين الشرع وعباس لحظة نادرة من التفاعل السوري الفلسطيني  The NewArab:  محادثات الشيباني وميلز ركزت على فرص تحسين العلاقات بين دمشق وإدارة ترامب مصر والسعودية تؤكدان ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا  حملة "شفاء".. عمليات جراحية نوعية في اللاذقية المصالح العقارية تضاهي "المركزي" بأهميتها..  خبير عقاري لـ"الثورة": الملكيات مُصانة ولا يمكن تهر... غلوبال تايمز: واشنطن بالغت في إبعاد الصين عن التجارة العالمية مظاهرات احتجاجية في تركيا وباكستان واندونيسيا..  عشرات الشهداء بمجازر جديدة للاحتلال في غزة الأمم المتحدة تدعو "الحوثيين" للإفراج الفوري عن جميع موظفيها المحتجزين تعسفياً  خارطة الخيارات الاستثمارية الحالية رهينة الملاذات الآمنة 70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس حمص.. حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال تستهدف ١٤٣١٤ طفلاً الخليفي: قطر ستناقش مع واشنطن تخفيف وإزالة العقوبات عن سوريا 4 آلاف معلم ومعلمة في إدلب يطالبون بعودتهم للعمل