الثورة – ثورة زينية:
تدخل الجمهورية العربية السورية مرحلة جديدة من الاستحقاق الوطني مع انطلاق الحملة الانتخابية لمرشحي مجلس الشعب للدورة التشريعية القادمة، بعد إغلاق باب الترشح أمام الراغبين في خوض غمار العمل البرلماني، وبلغ عددهم 1578 مرشحاً، من مختلف المحافظات والاتجاهات الاجتماعية والسياسية، بينهم نسبة لافتة من النساء.
هذا الاستحقاق يعد جزءاً من المسار المؤسساتي والدستوري الذي اختارته الدولة بإرادة مستقلة في وقت تواصل فيه تثبيت الاستقرار، واستعادة العمل المؤسسي الكامل في مختلف المناطق، على الرغم من التحديات التي خلفتها الحرب وتداعياتها، كما يؤكد عودة الحياة السياسية إلى مساراتها الطبيعية عبر انتخابات تجرى وفق أُطر قانونية ناظمة وتحت إشراف اللجنة العليا للانتخابات، وبمشاركة فاعلة من المواطنين والهيئات المجتمعية.
رئيس اللجنة العليا للانتخابات القاضي محمد طه الأحمد أوضح في تصريح صحفي أن الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد وفق القوانين النافذة، مشيراً إلى أن الحملة الدعائية للمرشحين بدأت صباح اليوم الاثنين وتستمر حتى مساء الجمعة، فيما سيكون السبت المقبل يوماً للصمت الانتخابي تمهيداً ليوم الاقتراع الأحد القادم في الخامس من تشرين الأول، وتفتح مراكز الاقتراع في مختلف المحافظات أمام الناخبين من الساعة التاسعة صباحاً وحتى انتهاء العملية مساءً، لتبدأ بعد ذلك مباشرة عمليات فرز الأصوات.
تعزيز لمسار الاستقرار في المؤسسات
المحامي صباح صابرين بين في حديث لـ”الثورة” أنه من اللافت في هذه الدورة الانتخابية التنوع في الخلفيات الاجتماعية والمهنية للمرشحين، ما يعكس حرص المجتمع السوري على المشاركة السياسية ويعزز تمثيل مختلف الشرائح الوطنية داخل المؤسسة التشريعية، مضيفاً: كما يسجل الحضور المتزايد للمرأة السورية التي أثبتت حضورها في مختلف ميادين الحياة الوطنية لا سيما في سنوات الحرب والدفاع عن وحدة البلاد وسيادتها.
ولفت إلى أن هذا الاستحقاق في سياق جهود الدولة السورية الجديدة لترسيخ مسار الإصلاح السياسي وبناء مؤسسات تعبر عن الإرادة الشعبية وتعمل على خدمة المواطن، ضمن رؤية تقوم على الشراكة الوطنية، والتكامل بين السلطات وتعزيز دور السلطة التشريعية في الرقابة والتشريع بما يسهم في تطوير الأداء المؤسساتي وتحقيق متطلبات المرحلة القادمة.
وأضاف المحامي صابرين: لا يخفى أن إجراء الانتخابات في موعدها وفي مناخ من الانضباط القانوني هو رسالة سياسية تؤكد قدرة الدولة على إدارة شؤونها بإرادة سيادية بعيداً عن أي إملاءات خارجية، وعلى قاعدة احترام الدستور وسيادة المؤسسات، وأن المشاركة الواسعة المتوقعة من المواطنين في هذا الاستحقاق، تمثل تأكيداً على التمسك بالخيار الوطني وتعزيزاً لوحدة القرار السوري، وإيماناً بدور صناديق الاقتراع في التعبير عن الرأي والمساهمة في بناء الوطن، ومواجهة التحديات المفروضة.
ونوه في ختام حديثه بأن هذه الانتخابات تعتبر محطة مهمة في مسار العمل الوطني وفرصة لتجديد المؤسسات واختيار من يمثل الشعب تحت قبة البرلمان ويسهم في صياغة مستقبل يليق بتضحيات السوريين وتاريخهم وطموحاتهم المشروعة في التنمية والسيادة والازدهار.
تنوع كبير
المحامية غفران مكانسي، أكدت أن هذا الاستحقاق الوطني يأتي ليكرس دور مجلس الشعب في الحياة العامة ويعزز مبدأ الفصل بين السلطات، إذ يمثل البرلمان صوت الشعب في التشريع والرقابة، ويشكل ركيزة أساسية في إعادة بناء الدولة وتعزيز دور المؤسسات، لافتة إلى أن ما يميز هذه الدورة الانتخابية هو التنوع الكبير في تركيبة المرشحين من مختلف الفئات المهنية والاجتماعية، إضافة إلى المشاركة النشطة للمرأة ما يعكس تطوراً واضحاً في مستوى الوعي المجتمعي والسياسي لدى مختلف شرائح المواطنين.
وأضافت المحامية مكانسي: إنه على الرغم من الظروف الاستثنائية التي مرت بها سوريا خلال السنوات الماضية فإن إجراء الانتخابات في موعدها وبمستوى عالٍ من التنظيم يؤكد قدرة الدولة على تجاوز التحديات وترسيخ الاستقرار عبر أدوات ديمقراطية ومؤسساتية، تقود إلى تعزيز المشاركة الشعبية وصياغة مستقبل وطني جامع، مؤكدة أن الإرادة الشعبية وهي تترجم اليوم عبر صناديق الاقتراع تعبر عن تمسك السوريين بخياراتهم الوطنية، وثقتهم بدولتهم ومؤسساتهم وإيمانهم بأن المرحلة المقبلة تتطلب تضافر الجهود بين المواطن والدولة لبناء سوريا القوية والموحدة والمستقرة التي تليق بتاريخها وتضحيات أبنائها.