ثورة أون لاين-أحمد عرابي بعاج :
كل الأمم تعتز بتراثها وتفتخر به فالتراث كان دائماً ركيزة الأمم الأساسية في تحديد هويتها الثقافية وعنوان إعتزازها بذاتها الحضارية في تاريخها وحاضرها وما يربطه بماضيها، ويمثل التراث الذاكرة الحية للمجتمعات كما يمثل هوية الشعوب، وفقدان التراث يعني فقدان الذكرة…
فهل يمكن أن نتصور أن الهجوم الأعمى على التراث وعلى الفن العظيم من قبل داعش هي وحشية مجانية!!
لا يمكن أن يكون ما تقوم به اعش مجرد همجية وهابية لفكر موتور… إنها أبعد من ذلك بكثير.
فالهجوم على الحضارات وطمس معالم التاريخ يصب في مصلحة من لا حضارة ولا تاريخ لهم وهم يعرفون أنفسهم أكثر من سواهم.
وتنظيم داعش الإرهابي يقوم بتدمير ممنهج للتاريخ وذبح لآثاره ولو قدر له لدمر آثار سورية العراق قبل ذبحه للبشر.
لقد استهدف التنظيم الاجرامي الكثير من المواقع والمدن الأثرية في العراق وسورية، يعد سرقة المحتويات والقطع الأثرية في المناطق السورية والعراقية وبيعها للدول الغربية القادرة على الشراء عن طريق وسطاء أتراك وذلك لتمويل إرهابه والاستمرار فيه، ولم تتوقف جرائمه عند القتل وإراقة الدماء.
وسياسة التدمير الممنهج التي اتبعها في مدينة الحضر العراقية ومدينة نمرود جنوب الموصل التي يعود تاريخها للقرن الثالث عشر قبل الميلاد وتدمير محتويات متحف الموصل تدل على إجرام منظم ينفذ لغايات أكبر وأهم من القيمة المادية لما نهب وما دمر. إنها حملة محو للتاريخ ممنهجة تصب في صالح اسرائيل الذي يسعى إلى تدمير الحضارة في المنطقة العربية وخاصة حضارة بلاد الرافدين والسكوت أو الصمت الدولي يثير الريبة والشك من أن هذا التنظيم يعمل بإيعاز وليس فقط تلبية لفكره الوهابي الإقصائي.
فالمخطط اكبر من داعش ولا يستطيع أن يقوم بأفعاله تلك بدون سبب، فلنبحث عن المستفيد وهنا نجد أن الدول التي ليس لها تاريخ ولا حضارة تنتقم من الحضارة وتذبح التاريخ انتقاماً وإعمالاً في طمس معالم الحضارات الكبيرة التي تضرب في عمق الأرض والتاريخ. والعدو الصهيوني أكبر مستفيد من إعمال معول الشر في متاحف ومدن أثرية لا يستطيع أحد محوها عن وجه الأرض مهما قامت داعش بتنفيذ خطواتها التدميرية ومهما باعت الأثار لدول ليس لها حضارة تذكر، وستكون أثار منطقتنا في متاحف واشنطن وباريس ولندن شاهد حي على شراكة تلك مع داعش في تهديم ونهب التاريخ.