رغم زحمة الأخبار السياسية وتداعياتها على مستوى المنطقة والعالم، يبقى حدث الحرائق الذي يلتهم جسد الطبيعة السورية الأكثر تفاعلاً وحضوراً على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، لطالما شبهت الفاجعة الطبيعية بالكارثة، وتخطت بتداعياتها السلبية حدود الممكن ضمن الجغرافية الوطنية.. ما حدث خلال الأيام الماضية يتجاوز حدود التصور بكل تأكيد، حيث فقدت رئة الطبيعة ومنظم حياتها أهم الفوائد التي كانت تمنحها الغابات للبيئة، وفي المقدمة تنظيم المناخ الذي ينعكس إيجاباً على دورة الحياة المعيشة.
فالدراسات العلمية وأبحاث المراكز الزراعية تؤكد أهمية الغابات بشكل عام كونها تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يعد أحد الغازات الدفيئة الرئيسية، فيما تطلق كميات لاحدود لها من الأكسجين، ما يساهم في تنظيم درجة حرارة الأرض، ويساعد في تنقية الهواء وتحسين جودته.
بالإضافة إلى تقليل ظاهرة الاحتباس الحراري وغيرها من عوامل المناخ.
اليوم يجسد السوريون في معركة التكاتف والتكافل الاجتماعي بين الواجب الوطني والمسؤولية الأخلاقية، غيرية مجتمعية تعكس قيمة السلوك الإيجابي في عبور الملحمة الوجدانية، التي استنفرت لأجلها كل فئات المجتمع القريبة والبعيدة، سواء من عامة الشعب أو الجهات المعنية صاحبة التدخل الأكبر في محاصرة اللهب المتطاير فوق رؤوس الجبال والوديان، منذراً سكان المناطق المتفرقة بالخطر الداهم الذي لايعرف لغة الاستئذان.. فما يجري لغاباتنا وحراجنا بشكل عام ليس أمراً سهلاً لناحية الخسارة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في ظل حالة الجفاف والتغير المناخي الذي ينذر بأزمة مضطربة على صعيد تأمين المياة وخاصة مياه الشرب العذبة.
وهذا لاشك تحدٍّ كبير أمام سوريا التي تسعى جاهدة لاستعادة عافيتها المتناغمة على مستوى جميع القطاعات.
باختصار.. السوريون، كانوا، ومازالوا، وسيبقون كالجسد الواحد السليم يواجهون صعوبات الحياة بكل قوة، فهم ليسوا طارئين لا في الجغرافيا ولا في التاريخ.. وشعبنا لايحتاج الشهادات أياً كان سهمها، وهو الشاهد على هذه الأرض بعينه وقلبه وتراثه وحضارته عبر آلاف السنين، وبالتالي لا أحد يستطيع حرق الذاكرة بما تكتنزه وتوثقه من أحداث، مهما حاولت ألسنة اللهب أن تعبث بوجه الأديم بهدف تشويه المعالم والأمكنة.