يعملون بلا أضواء.. “المجتمع الأهلي” ينسج الحياة بخيوط التطوع في بيت ياشوط
في زمن يثقل كاهل المجتمعات بالتحديات، تبرز من أعماق الريف السوري مبادرات لا تصنع العناوين لكنها تصنع الفرق. في ناحية بيت ياشوط الواقعة بين تلال خضراء ومنازل دافئة تشكّلت مبادرة “المجتمعٌ الأهلي” الفريد في نسيجه وروحه فريق تطوعي يضم أكثر من 250 شاباً وشابة من طلاب الجامعات وحملة الشهادات.. قرروا أن يكونوا الضوء في عتمة الحاجة والصوت الذي لا يعلو على أنين الناس بل يصغي له.
وأضاف: دعيت بالبداية مجموعة من الشباب من الفئة العمرية بين العشرين والثلاثين عاماً، هي بمثابة الخلايا الجذعية القابل للتحول إلى خلايا ترميمية للتحالف الخلوي، فلابد من الاعتماد على هذه الفئة لترميم الحالة المجتمعية. ولفت إلى أن استجابتهم كانت مميزة، إذ بدأنا بدورة توعية، ثم خدمات دعم نفسية، وأخذنا بالتوسع ودعوة الشباب بعموم المنطقة، وبدأنا بتنظيم عملنا بمجموعات تخصصيه داعمة، من معلمين، ومهندسين وأطباء، وغيرهم، ثم قمنا باستبيان للمنطقة لدراسة وضعها واحتياجاتها وصنفنا الاحتياجات التي تبين أولها الطلاب ونقلهم والتعليم.

إسهامات فعلية
صوت الناس

خطوات لا تُقاس بالأرقام
أيضاً هناك الاستجابة الصحية وبجهود متضافرة عمل الفريق على افتتاح مركز صحي يخدم 12 قرية، يسعى لتحقيق اكتفاء شبه ذاتي بالرعاية الأولية بأقل التكاليف بإدارة مجتمعية واعية. كما أجرى الفريق مسحاً استبيانياً شاملاً لناحية بيت ياشوط وقراها، وكان الاستطلاع لتحديد الاحتياجات، وشمل التعداد السكاني الحالات المزمنة، مثل ذوي الإعاقة، والوضع المعيشي، لتوجيه الخدمات بدقة وإنصاف.
المتطوعة رُبا عبرت عن تجربتها بالقول: منذ انضمامي لهذا الفريق أدركت يقيناً أنه لا وجود للمستحيل، خاصة وأن عملنا غيّر واقع الكثيرين، وكان نقطة تحول في حياتنا جميعاً، كنا مع الطلاب في كل خطوة، وقدمنا الفاقد التعليمي مجاناً رغم شحّ الإمكانيات. ونوهت بأن العمل التطوعي هو من أسمى القضايا التي يمكن أن يقدمها الشاب السوري اليوم، إذ ينطلق كل فرد من دائرته الضيقة من بلدته من شارعه من عمله ليقدم لهذه البلد أي شيء يساهم في تقدمه وتطوره، من هذا الجانب انطلقنا بالفريق من خلال تقديم كل ما بوسعنا، وقدمنا المساعدة لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية العامة مجاناً وكنا معاً خطوة بخطوة..

بالإضافة لافتتاح دورات لجميع الصفوف في عدة مدارس، ناهيك عن تقديم الفاقد التعليمي للطلاب مجاناً، وخدمات كثيرة أخرى غيرها تشمل عدة قطاعات. ولفتت إلى أنه قريباً جداً سنخلق مجتمعاً جديداً ومتعاوناً بكل الأعمار، بسبب أساليب التوعية التي يتم تقديمها لجيل الشباب، معبرة عن اعتزازها وفخرها أن تكون ضمن فريق كل أحلامه أن يساهم بخدمة البلد.
المتطوعة إيمان أطلقت على مبادرة “المجتمع الأهلي المحلي” الفريق المعجزة، رغم الإمكانيات القليلة، فقد كان لها شرف الانضمام لهذا الفريق، ما أعطاها حقيقة شعور السعادة والامتنان لهذا الفريق الذي يعمل بوضوح من البداية على الأرض متخطياً كل الصعوبات بكل بمعنى الكلمة. وتابعت: استطعنا أن ندخل لقلوب وبيوت الجميع في البلدة، ساعدنا الناس ممن لديهم مشكلات صحية، ونحن كفريق نتواجد معهم بكل امتحان، لافتة إلى العمل المتواصل في تعليم طلاب المدارس مجاناً في مساعدة الكادر المدرسي كي يستطيعوا إكمال الطريق من بعدنا.
مبادراً لا متفرجاً..
هم أبطال الحياة اليومية، الشباب السوريون لا يصعدون على المنصات، لكنهم يرفعون مجتمعهم بأفعالهم، وهكذا تتجلى الإنسانية في أنبل صورها حين نمدّ يداً لا لطلب بل للعطاء. أمام هذا الواقع الجميل والاندفاع الراقي والمسؤول الذي أبداه شباب المجتمع المحلي في بيت ياشوط، لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار من قبل الجهات المعنية صاحبة العلاقة كالشؤون الاجتماعية والعمل والإدارة المحلية وغيرها من الوحدات الإدارية أن تقدم الدعم اللازم بما يناسب ويدعم جهود الشباب في أي مكان يقدم جهوده لإنعاش بلدته ومدينته ومجتمعه.
